النوم في حياة الانسان

مفهوم – خلق الله تعالى جسم الإنسان وحدَّد ما يستطيع أن يَحتمله الجِسم من ضغوطاتٍ حتّى يبقى مُحافظاً على عمله بشكلٍ سليمٍ، ويبقى خالياً من الأمراض، وقد قُسِّم جسم الإنسان إلى أعضاءٍ إراديّة وأعضاءٍ لا إراديّةٍ؛ فالأعضاء الإراديّة يُمكن للإنسان أن يتحكّم بها وبعمَلِها، ويستطيع السيطرة عليها لإدخالها في مرحلة الراحة وهي النَّوم.

تعريف النَّوم

النَّوم حالةٌ طبيعيةٌ يمر بها جسم الإنسان الحيّ؛ حيث تتغيّر نشاطاته خلالها، فخلال النهار يقوم الدِّماغ والأعصاب بنشاطاتٍ معينةٍ، وعندما يخلد الشَّخص إلى النَّوم فإن نشاطات أخرى يقوم بها الدماغ، كما أنَّ بعض الأعضاء ترتاح مثل عضلات اليدين والرجلين.

ترتبط صحّة الجِسم بشكلٍ مباشِرٍ بمقدار ما يحصل عليه من النوم والراحة؛ فأجهزة الجِسم تحتاج إلى الرَّاحة والسُّكون والرّكود ليستعيد الإنسان نشاطه ويستطيع إنتاج كريات الدّم البيضاء التي تزيد من مناعته ومقاومتِه للأمراض، كما أنَّ ما يحصل عليه الدِّماغ من معلوماتٍ خلال النَّهار يقوم بتخزينه وفلترته خلال الليل في مناطق مختلفة من مساحته.

الاعتقاد القديم الذي ساد لفترةٍ طويلةٍ وهو أنَّ في النوم توقّفٌ لكل نشاطات الجسم أثبت العِلم خطأه؛ حيث أجريت دراساتٍ متخصّصة ومعمّقة على الأفراد أثناء النوم، وتمّ اكتشاف نشاط للدماغ يختلف عما هو عليه أثناء الاستيقاظ، وتمّ استخدام الأجهزة الحساسة والدقيقة لإجراء هذه الدِّراسات.

تختلف احتياجات الأفراد لساعات النَّوم؛ فبعضهم عندما ينام أربعُ ساعاتٍ يشعر بالتجدّد والنَّشاط، وعلى العكس من ذلك بعض الأشخاص يحتاجون إلى ثماني ساعات للشعور بالراحة.

وللنوم دورٌ كبيرٌ في الإبقاء على تركيز الإنسان خلال النهار وليس كما يعتقد البعض أن النوم هو مضيعةٌ للوقت، فلو قام أحدنا يعدّ النوم أحد أهم العادات في حياة الإنسان والتي لا يمكنه على الإطلاق الاستغناء عنها وذلك لأهميتها الكبيرة في إعادة التوازن للجسم بعد يومٍ شاقٍّ من العمل والتفكير والمجهود البدني أيضاً، فخلال النوم يقوم العقل كما يسميها الناس ( بترتيب أفكاره)، فيعيد تنظيم المعلومات في داخله ويقوم بما يشبه عملية التصنيف لهذه المعلومات المختلفة، كما يقوم جسم الإنسان بتعويض التالف من خلاياه المختلفة ويقوم بإعادة بناء الألياف العضلية والخلايا المختلفة في الجسم.

ونضيف إلى ذلك دور النّوم الكبيرٌ في الإبقاء على تركيز الإنسان خلال النهار وليس كما يعتقد البعض أنّ النوم هو مضيعةٌ للوقت، فلو قام أحدنا بتجريب النوم لمدةِ بضع ساعات خلال الليل والنّوم مرةً أخرى نوماً كاملاً وعميقاً كما يحتاج جسمه بالفعل، سيجد أنّه عندما ينام لفترةٍ قصيرة لن يحصل على النشاط نفسه خلال النهار، حيث سيمضي النهار بأكمله وهو مشتّت الذهن والتركيز، بالإضافة إلى عدم قدرته على العمل بفعالية خلا النهار أو النوم لفتراتٍ قصيرةٍ وبشكلٍ مستمرٍ خلال النهار.

ويحتاج الإنسان إلى النوم بعدد ساعاتٍ محددةٍ فإن نقصت هذه الساعات عن الحدّ اللازم فإنّها تسبب المشاكل المختلفة والتي يسببها أيضاً النوم لساعاتٍ طويلةٍ أكثر من اللازم، وعدد ساعات النوم التي يحتاجها الإنسان تختلف من شخصٍ لآخر، فربما نجد أن بعض الناس يناسبهم جداً خلال النهار بالنوم لعددٍ قليلٍ من الساعات كأربع ساعاتٍ على سبيل المثال،

ولكن في العادة يحتاج الإنسان خلال كلّ مرحلةٍ من مراحل عمره إلى النوم لعددٍ معينٍ من الساعات فيحتاج الإنسان البالغ إلى النوم من سبع إلى تسع ساعات خلال النهار، بينما يحتاج الإنسان في مراحل عمره الأخرى إلى النّوم كما يلي :

بحسب المؤسسّة الوطنية الأمريكية للنّوم:

  • أقل من ثلاث أشهر: أربع عشرة إلى سبع عشرة ساعة. من أربعة إلى إحدى عشرة شهراً : اثنى عشرة إلى خمس عشرة ساعة.
  • من سنة إلى سنتين: إحدى عشرة إلى أربع عشرة ساعة.
  • من ثلاث إلى خمس سنين: عشر إلى ثلاث عشرة ساعة.
  • من ست إلى ثلاث عشرة سنة: تسع إلى إحدى عشرة ساعة.
  • من أربع عشرة إلى سبع عشرة سنة: ثماني إلى.
  • من ثماني عشرة إلى خمس وعشرين سنة: تسع ساعات.
  • من ست وعشرين إلى أربع وستين سنة: سبع إلى تسع ساعات.
  • أربع وستين فما فوق: سبع إلى ثماني ساعات.مع أنّ مدة النّوم للبالغين تعدّ نفسها مع ازدياد العمر إلّا أنّ طبيعة النوم تختلف، إذ يصبح نوم الإنسان أخفّ كلما تقدّم به العمر، فنجد كبار السن يستيقظون باستمرار خلال الليل عكس صغار السن، ممّا يتطلّب من كبار السن البقاء في الفراش لمدةٍ أطول للحصول على نفس ساعات النوم أو الحصول على القيلولة بشكلٍ مستمرٍ خلال النهار.

أفضل أوقات النَّوم

أجريت بعض الدِّراسات والبحوث لدراسة ساعات النوم الصحيّة، فليست كلّ ساعات النوم يشعر الشخص بعدها بالنشاط؛ بل إنّه في بعض الحالات يستيقظ الشَّخص مُتعباً، لذلك فالساعات التي تُحسب من ضِمن الساعات الصحية هي التي يدخل الجسم فيها بمرحلة النوم العَميق.

تمّ تقسيم فترات النوم الصحيّة إلى الآتي:

  • من الساعة التاسعة إلى الساعة الثانية عشر: تُعتبر من أفضل أوقاتِ النَّوم لأن كل ساعةٍ منها تعادِل ثلاثُ ساعاتٍ من النوم وبالتالي حصول الجِسم على راحةٍ أكبر.
  •  من الساعة الثانية عشر ولغاية الثالثة فجراً تعادِل كل ساعة نومٍ فيها ساعة ونصف من ساعات النّوم؛ لذلك فهي جيّدة ولكنها ليست بفائدة الفترة الأولى.
  • من الساعة الثالثة فجراً ولغاية الساعة الخامسة فجراً كلّ ساعة نوم تعادِل ساعة واحِدة فقط. كما أنَّ النوم في مكانٍ هادىء وبعيداً عن الضوضاء وعن تواجد الأجهزة الخلويّة وأجهزة الهاتف الذكية من شأنها أن تُدخِل الجِسم في حالة النوم العميق والمُريح.

طرق للمساعدة على النّوم

النّوم في وقتٍ محدّد، وتغيير نظام نومك؛ قد يكون صعباً عليك في بادئ الأمر، فجسمك متعوّدٌ ومتكيّفٌ مع وقتٍ للنّوم، لذا لتُساعده على التّغيير اتّبع الطّرق والنّصائح التّالية:

– تجنّب أكل وجباتٍ كبيرةٍ ودسمةٍ قبل النّوم بساعتين، لكي لا تنزعج من معدتك، ولا تُصاب بالحموضة.
– لا تجعل سرير نومك لحاجةٍ أخرى غير النّوم؛ فلا تشاهد فيه التّلفاز مثلاً، فذلك يُبرمج عقلك على أن ينام بشكلٍ أسرع.
– أطفئ الأنوار، وكلّ مصادر الصّوت والضّجيج في غرفتك، واجعل أجواء غرفتك تدفعك إلى النّعاس والنّوم.
– اخل عقلك من كلّ الأفكار، وحاول جاهداً أن لا تُفكّر بشيءٍ سوى النّوم، واترك مشاكل يومك على عتبة باب غرفتك.
– تَناول كوباً من الحليب الدّافئ قبل النّوم؛ فهو يساعد على الاسترخاء ويَدفعك إلى النّعاس.
– اقرأ آياتٍ من القرآن الكريم، أو اقرأ كتابك المفضّل، أو افعل أي عملٍ يدفعك إلى الاسترخاء قبل النّوم بنصف ساعة.
– أخرج كلّ وسائل التّكنولوجيا من غرفتك، مثل جهازك الخلوي، وجهاز الحاسوب.
– تجنّب تناول المشروبات الّتي تحتوي على الكافيين قبل النّوم، فهي تعمل كمنبّه.

 

 المشاكل المُرتبطة بالأرَق

يُشكّل الأرق وقلة النوم مُشكلةً صحيّةً ليست بالبسيطة فمن لا يأخذ قسطاً كافياً من النوم يتعرض للعديد من المشاكل خلال النهار وأهمها الإرهاق، وعدم القُدرة على القيام بأيّ نشاط مهما كان صغيراً.

ويُسبب الأرق أيضاً:

الشعور بالنعاس طوال اليوم.

تعكُّر المزاج والعصبية من أتفه الأسباب.

ظهور علامات الإرهاق على البشرة ويوماً بعد يوم سيُصبح الوجه باهتاً ولا توجد فيه علامات للنضارة.

ظهور هالات سوداء تحت العينين.

الإصابة بنوع من الاكتئاب.

ضعف التركيز وعدم القُدرة على التفكير بشكلٍ سليم.

زيادة الوزن؛ حيث يضطرّ الشخص لأكل كميّاتٍ كبيرة من الطعام خلال يومه، بسبب قلة عدد ساعات النوم.

لتفادي هذه المشاكل يجب الامتناع عن شُرب المشروبات التي تحتوي على الكافيين، وهذه المشروبات لا تقتصر على الشاي والقهوة بل هُناك الكاكاو الساخن وكذلك النسكافيه، كما يجب الابتعاد عن تناوُل وجبات دسمة في وقتٍ مُتأخر من الليل، وإن لم تُجدِ هذه الطُرق نفعاً يجب استشارة الطبيب وعدم الاستهانة بالأمر لأن عدم القُدرة على النوم قد يكون مرتبطاً بمرض مُعيّن لذا يتوجب على الشخص التأكُّد من خلوه من أية أمراض.

شاركها

اترك تعليقاً