مفهوم – الوصية هي كل ما يريد الإنسان أن يقوم به ورثته والناس من بعده بعد وفاته، وتشمل الأعمال الخيرية التي يريد الإنسان أن تؤدى عنه بعد وفاته والتحاقه بالرفيق الأعلى، وهذا الأمر يجعل الخير لا ينقطع عن الإنسان بعد موته ووفاته ومجاورته للرفيق الأعلى.
لا توجد صيغة محددة وثابتة لكتابة الوصية، وإنما تتطلب كتابة الوصية أن يعبر الإنسان عمّا يريد أن يوصي به، فإذا كان على الموصي دين يجب أن يقول: (يوجد لفلان كذا من المال عليّ)، ويجب عليه أن يذكر قدر المال، وعندما يريد أن يوصي من ماله لشخص ما، فيمكنه أن يقول (أوصي لفلان بكذا من المال)، ويتطلب ذلك أيضاً ذكر مقداره،
وذكرت الموسوعة الفقهية: “ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُسْلِمِ إِذَا أَوْصَى أَنْ يَكْتُبَ وَصِيَّتَهُ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ، يَبِيتُ ثَلاَثَ لَيَالٍ إِلاَّ وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ ـ وَفِي لَفْظٍ: يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ ـ وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُوصِي أَنْ يَبْدَأَهَا بِالْبَسْمَلَةِ وَالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالْحَمْدِ وَنَحْوِهِ وَالصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ الشَّهَادَتَيْنِ كِتَابَةً، أَوْ نُطْقًا، ثُمَّ الإِْشْهَادِ عَلَى الْوَصِيَّةِ، لأَِجْل صِحَّتِهَا وَنَفَاذِهَا وَمَنْعًا مِنَ احْتِمَال جُحُودِهَا وَإِنْكَارِهَا”.
حكم الوصيّة
تدور حول أربع أحكام شرعيّة :
الوصيّة الواجبة: وهي التي تكون في حالة وجود دين على الموصي أو وديعه يخشى أن تضيع إذا لم يوصّي بها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم :(ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه ، يبيتُ ليلتين إلاّ ووصيتهُ مكتوبةٌ عنده ) أخرجهُ البخاري في كتاب الوصايا .
الوصيّة المحرَّمه: وهي التي تكون في حالة الوصّية بمعصية أو بقصد الإضرار بالورثة وما إلى ذلك .
الوصيّة المستحبّة : وهي التي تكون للأقرباء والفقراء والمساكين والصالحين من النّاس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم .
الوصيّة المكروهة : وهي التي تكون في حالة الموصي الذي لديهِ القليل من المال وورثَتُهُ بحاجه إلى هذا المال ،
كما يكره أن تكون الوصيّة لأهل المعاصي والمنكر حتّى لا يستعينو بها على فعل الشرور والمعاصي .
أركان الوصيّة
وهي أربع أركان :
الموصي : وهو صاحب الحق أو المتبرِّع ، وأن يكون أهلاُ للتبرع ، بحيث يكون عاقل وبالغ وأهل بالإختيار . لا يوجد دين بحيث لا يبقى من مالهِ شيء .
الموصى لهُ : وهو صاحب الوصيّه بعد موت الموصي ويشترط في حقهِ : أن لا يكون وارثاً للموصي بعد الموت : فقال رسول الله صلى الله عليهِ وسلّم :(إنّ الله قد أعطى لكلِّ ذي حقِّ حقَّه ، فلا وصيَّة لوارث ) أخرجهُ البخاري من كتاب الوصايا . أن يكون موجود وقت الوصيّه .
الإيجاب والقبول: ويكون الإيجاب باللفظ كقول قد أملكتُ بيتي لفلان بعد موتي ، وإذا كان عاجزاً عن اللفظ ، يكتب الموصي على ورقه وصيّتهُ .
الموصي بهِ : وهي الأشياء التي تكون قابله للتمليك كالمال ، البيت ، وما إلى ذلك .
بطلان الوصيّه :
إذ إختلَّ شرط من شروط الوصيّه .
وفات الموصي لهُ قبل الموصي .
إذا تراجعَ الموصي عن الوصيّة فلهُ الحق في أن يبطلعها وأن يغيِّرَ فيها .
إذا قَتَلَ الموصي لهُ الموصي .
إذا كان الموصي مديناً بمال لا يبقى من مالهِ شيء .
نموذج لكتابة الوصية
تبدأ الوصيّة بحمد الله، والصّلاة على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وبعد ذلك يكون نص الوصية كالآتي:
(هذا ما أوصى به فلان بن فلان، وهو يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وأنه كلمة الله التي ألقاها إلى مريم البتول، وأن الجنّة حق، والنّار حق، وأنّ الساعة لا ريب فيها، وأنّ الله يبعث من في القبور،
وأوصي أولادي وأهلي وأقاربي وجميع المسلمين بتقوى الله عز وجل، وأوصيهم بما وصى به إبراهيم بنيه ويعقوب:(وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)).
كما يجب أن يوصي بتسديد ما عليه من ديون، وتحديد إن أراد أن يعطي ثلث ماله لفلان، أو لصدقة جارية، أو لأولاده القاصرين مع تحديد وليهم؛ حتى يحفظ حقوقهم حتى يكبروا ويبلغوا،
وبعد ذلك يوصي أهله بالوصايا الدّينيّة والاجتماعيّة، وأن يوصي بغسله ودفنه وما يتبع ذلك على سنة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم،
وأخيراً يتم ختم الوصية بالدّعاء للنّفس بالمغفرة، والرحمة، ودخول الجنة، كما عليه أن يوثّق الوصيّة بشهادة رجلين عدلين.
الحكمة من كتابة الوصية
تنبع الحكمة من كتابة الوصية تذكير المسلم بالموت في جلّ أوقاته، ممّا يؤدي إلى حرص المسلم على العمل الدؤوب من أجل الفوز بالجنة، ويكون ذلك من خلال التوبة من الذنوب، وإصلاح الأعمال،
وإعادة الحقوق إلى أصحابها،
والاعتذار عن الأخطاء المرتكبة بحقوق الآخرين،
ولذلك حرص رسولنا الكريم على تذكير المسلمين بالموت في جميع أوقاتهم وأحوالهم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النبي صلى الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ: الموت)،
وبذلك تعد كتابة الوصية من الوسائل التي تذكّر المسلم بالموت؛ وخاصة لمن كان عليه ديون، أو لمن يشارك أشخاصاً آخرين في الأمور الماديّة، وأخيراً يجب أن يحرص كل مسلم على إحياء سنّة رسولنا المصطفى من خلال كتابة الوصية، وأن يبدأ بكتابتها من اليوم.