مفهوم – السؤال: ما فضل الاستغفار؟
الجواب: الاستغفار عِبادة عظيمة، شرَّفها المولى عزَّ وجلَّ في كتابه الحكيم، وثابر على ملازمتها رسولُنا الكريم صلى الله عليه وسلم، ومَن يدرك فضلها ويتتبَّع أجرها، نال محبَّة الله تعالى، فالله تعالى يحبُّ التوَّابين المستغفرين.
والاستغفار عِبادة دائمة، يَلزمها المذنِبون، ويُقبل عليها الصالحون، وهي ركيزة أساسية في رِحاب التوبة الدَّائمة لملِك الملوك، وهي صِلة قويَّة بين العبد وربِّه الغفور الرحيم، ومَن كان في زمرة المستغفرين، فقد أمَّنه الله سبحانه من العذاب الأليم ومن وَيْلات الجحيم، فقال الله سبحانه: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال:33]، والاستغفار يستوجِب الصِّدقَ في التوبة، والندمَ على الذنوب والآثام والتقصير الدائم في شكر الله تعالى على نِعَمه وآلائه.
ولقد ورد في القرآن الكريم والسنَّة النبوية فضائل وارفة الظِّلال على المستغفرين، وبيَّنَت النصوص الشرعيَّة العاقبةَ الحسنى لِمن كان الاستغفار نهجًا في حياته، ومن تدبَّر هذه الفضائل وسعى لها سعيَها، تحصل على ثواب الاستغفار في الدنيا والآخرة.
فضائل الاستغفار في القرآن الكريم:
– قال الله تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [البقرة:199].
– قال الله تعالى: {الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} [آل عمران:17].
– قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران:135].
– قال الله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران:159].
– قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا} [النساء:64].
– قال الله تعالى: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ۖ وَإِن تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ} [هود:3].
– قال الله تعالى حِكاية عن سيدنا هود عليه الصلاة والسلام: {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ} [هود:52].
– قال الله تعالى: {وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ} [هود:61].
– قال الله تعالى: {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ} [هود:90].
– قال الله تعالى: {قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ} [يوسف:97].
– قال الله تعالى: {قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي ۖ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [يوسف:98].
– قال الله تعالى: {قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ ۖ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي ۖ إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا} [مريم: 47].
– قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَىٰ أَمْرٍ جَامِعٍ لَّمْ يَذْهَبُوا حَتَّىٰ يَسْتَأْذِنُوهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ۚ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [النور:62].
– قال الله تعالى: {قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ ۖ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ۗ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص:24].
– قال الله تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ} [غافر:55].
– قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ ۗ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ} [فصلت:6].
– قال الله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} [محمد:19].
– قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ۙ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [الممتحنة:12].
– قال الله تعالى حكاية عن سيدنا نوح عليه الصلاة والسلام: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا} [نوح:10-12].
– قال الله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ ۚ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ۚ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ۖ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ۚ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَىٰ ۙ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ ۙ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ۚ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ۚ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ۚ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [المزمل:20].
– قال الله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ ۚ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر:3].
فضائل الاستغفار في السنَّة النبوية:
– عن شدَّاد بن أوسٍ رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال له: «سيِّدُ الاستغفار أن تقُول: اللهمَّ أنت ربي، لا إله إلَّا أنت، خلقتَني وأنا عبدُك، وأنا على عهدِك ووعدك ما استطعتُ، أعُوذُ بك من شرِّ ما صنعتُ، أبُوءُ لك بنعمتك عليَّ وأبُوءُ لك بذنبي، فاغفر لي؛ فإنه لا يغفرُ الذُّنُوب إلَّا أنت»، قال: «ومَن قالها من النَّهار موقِنًا بها، فمات من يومه قبل أن يُمسي، فهو من أهل الجنَّة، ومَن قالها من اللَّيل وهو مُوقنٌ بها، فمات قبل أن يُصبح، فهو من أهل الجنَّة» (صحيح البخاري: [6306]).
– عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنِّي لأستغفرُ اللهَ وأتوبُ إليهِ في اليومِ مائةَ مرةٍ» (صحيح ابن ماجه: [3091]).
– روى أبو داود عن ابن عُمر رضي الله تعالى عنهما قال: إنْ كنَّا لَنَعُدُّ لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في المجلس الواحد مائة مرَّةٍ: «ربِّ اغفر لي وتُب عليَّ، إنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الرَّحيمُ» (صحيح أبي داود: [1516]).
– عن الأغرِّ المُزني رضي الله تعالى عنه، أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، قال: «إنه لَيُغانُ على قلبي، وإني لأستغفرُ اللهَ في اليومِ مائةَ مرةٍ» (صحيح مسلم: [2702]).
– عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إنَّ المؤمن إذا أذنَب كانت نُكتة سوداء في قلبه، فإن تاب ونزَع واستغفَر، صُقِل قلبُه، فإن زاد زادَت؛ فذلك الرَّانُ الذي ذكَره الله في كتابه: {كَلَّا ۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين:14]» ( صحيح ابن ماجه: [3441]).
– عن أبي موسى رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه كان يدعُو بهذا الدُّعاء: «اللهمَّ اغفر لي خطيئتي وجَهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلمُ به منِّي، اللهمَّ اغفر لي جدِّي وهزلي، وخطئي وعمدي، وكلُّ ذلك عِندي، اللهمَّ اغفِر لي ما قدَّمتُ وما أخَّرتُ، وما أسررتُ وما أعلنتُ، وما أنت أعلمُ به مني، أنت المُقدِّمُ وأنت المُؤخِّرُ، وأنت على كلِّ شيءٍ قديرٌ» (صحيح البخاري: [6398]، صحيح مسلم: [2719]، وهذا لفظ مسلم).
– عن ابن عُمر رضي الله تعالى عنه قال: كان يُعدُّ لرسُول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في المجلس الواحد مائة مرَّةٍ من قبل أن يقُوم: «ربِّ اغفر لي وتُب عليَّ، إنَّك أنت التوَّابُ الغفورُ» (صحيح الترمذي: [3434])
– عن أبي يسار، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَن قال: أستغفر اللهَ العظيمَ الذي لا إله إلا هو الحيَّ القيوم وأتوب إليه، غُفِر له وإن كان فَرَّ من الزَّحف» (صحيح الترمزي: [3577]).
– عن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه أنَّه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: علِّمني دعاءً أدعو به في صلاتي، قال: «قل: اللهمَّ إنِّي ظلمتُ نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوبَ إلَّا أنت، فاغفر لي مغفرةً من عندك وارحمني، إنَّك أنت الغفور الرحيم» (صحيح البخاري: [834]، صحيح مسلم: [2705]).
الجواب نقلًا من موقع طريق الإسلام.