مفهوم – بُني الإسلام على أركان خمسة، وخامس هذه الأركان حج بيت الله الحرام، والحج المبرور هو ما لا تكون فيه سمعة ولا رياء، ولم يقع فيه إثم، ولم تؤتَ بعده المعاصي والآثام، وكانت أحكامه تامة كاملة، وأُدِّي كما يحب الله ويرضى على أكمل وجه، وللحج فضائل وفوائد عظيمة يغتنمها الحاج ويَنعم بها في حياته وآخرته.
تعريف الحج
الحج لغةً: معناه القصد،
أما اصطلاحاً فهو عبادة الله تعالى في وقت مخصوص، وفي مكان مخصوص، وبأعمال خاصة به، وذلك تبعاً لما جاء به نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
متى فرض الحج
فرض الحج على الصحيح سنة تسع من الهجرة، وهي سنة الوفود التي نزلت فيها سورة آل عمران وفيها قول الله تعالى : { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } .
حكم الحج
الفرضية ، وهو من أركان الدين ، ودليله ما سبق من الآية الكريمة ، وكذا جاء في السنة ما يدل عليه .
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” بُني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان ” . رواه البخاري ( 8 ) ومسلم ( 16 ) .
هل يجب الحج على الفور ؟
نعم هو على الفور ، ودليله ما سبق من الآية الكريمة ، وهو الأصل في الأوامر الشرعية ، ومن السنة ما يدل على هذا الحكم :
1. عن أبي هريرة قال : ” خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ” أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا ” . رواه مسلم ( 1337 ) .
2. عن ابن عباس رضي الله عنها قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” مَن أراد الحج فليتعجل فإنه قد يمرض المريض وتضل الضالة وتعرض الحاجة ” .
رواه أبو داود ( 1732 ) – دون قوله ” فإنه قد .. ” وابن ماجه ( 2883 ) وأحمد ( 1836 ) .
وفي رواية عند أحمد ( 2864 ) : ” تعجلوا إلى الحج – يعني الفريضة – فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له ” .
وكلا الروايتين تحسن إحداهما الأخرى ، انظر ” إرواء الغليل للألباني ” ( 4 / 168 ) .
وذهب الشافعية إلى أنه على التراخي لأن النبي صلى الله عليه وسلم، أخره إلى سنة عشر ، لكن يجاب عليه :
1. بأنه لم يؤخره سوى سنة واحدة ، وهؤلاء يقولون يؤخر إلى ما لا حد له ! .
2. وأنه أراد صلى الله عليه وسلم أن يطهر البيت من المشركين وحجِّ العراة .
3. وأنه قد شُغل صلى الله عليه وسلم بإسلام الوفود الذين تعاقبوا على المدينة لإعلان إسلامهم .
انظر ” الشرح الممتع ” للشيخ ابن عثيمين ( 7 / 17 ، 18 ) .
4. والحج يجب مرة واحدة في العمر
عن أبي هريرة قال : خطبَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ” أيها الناس إن الله عز وجل قد فرض عليكم الحج فحجوا ، فقال رجل : أكلَّ عام يا رسول الله فسكت حتى قالها ثلاثاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو قلتُ نعم لوجبت ولما استطعتم ، ثم قال : ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه ” . رواه مسلم ( 1337 ) .
فضله
وقد جاء في فضل الحج أحاديث كثيرة ، ومنها :
1. عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أي العمل أفضل ؟ فقال : إيمان بالله ورسوله ، قيل : ثم ماذا ؟ قال : الجهاد في سبيل الله ، قيل : ثم ماذا ؟ قال : حج مبرور. رواه البخاري ( 26 ) ومسلم ( 83 ) .
والحج المبرور معناه :
1. أن يكون من مالٍ حلال .
2. أن يبتعد عن الفسق والإثم والجدال فيه .
3. أن يأتي بالمناسك وفق السنة النبوية .
4. أن لا يرائي بحجه ، بل يخلص فيه لربه .
5. أن لا يعقبه بمعصية أو إثم .
2. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ” سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ” مَن حجَّ لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ” . رواه البخاري ( 1449 ) ومسلم ( 1350 ) .
3. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ” . رواه البخاري ( 1683 ) ومسلم ( 1349 ) .
4. عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : قلتُ يا رسول الله : ألا نغزو ونجاهد معكم ؟ فقال : لكُنّ أحسن الجهاد وأجمله الحج حج مبرور ، فقالت عائشة : فلا أدع الحج بعد إذ سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه البخاري ( 1762 ) .
5. عن عمرو بن العاص رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” .. وأن الحج يهدم ما كان قبله ” . رواه مسلم ( 121 ) .
6. عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة ” . رواه الترمذي ( 810 ) والنسائي ( 2631 ) . والحديث : صححه الشيخ الألباني رحمه الله في ” السلسلة الصحيحة ” ( 1200 ) .
7. عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” الغازي في سبيل الله والحاج والمعتمر وفد الله دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم ” . رواه ابن ماجه ( 2893 ) .
والحديث : حسن ، حسَّنه الشيخ الألباني في ” السلسلة الصحيحة ” ( 1820 ) .
قال الله عز وجل { ليشهدوا منافع لهم } [ الحج / 28 ] .
وللحج منافع دينية ودبيوية أخرى
أما الدينية : فلتحصيل رضوان الله تعالى ، والعودة بمغفرة الذنوب جميعاً ، وكذا الأجور العظيمة التي لا توجد إلا في تلك الأماكن ، فالصلاة في المسجد الحرام – مثلاً – بمائة ألف صلاة ، ولا يوجد طواف ولا سعي إلا في تلك الأماكن .
ومن المنافع أيضا لقاء المسلمين ، والوقوف على أحوالهم ، ولقاء أهل العلم ، والاستفادة منهم ، وطرح المشكلات عليهم
وأما المنافع الدنيوية فمنها التجارة ، وسائر وجوه المكاسب الناشئة والمتعلقة بالحجّ .
بشرى لمن عجز عن الحج
وللمسلم أن يغتنم مثل أجر الحاج ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “من صلى الفجر في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة، تامة، تامة”. {الترمذي عن أنس، صحيح الجامع 7346}.