مفهوم – فوائد وثواب عظيم ينتظر المعتكف في رمضان، ونبدأ بتعريف الإعتكاف، تعريفه: لغة: لزوم الشئ.
وشرعا: لزوم المسجد والإقامة فيه بنية التقرب إلى الله عز وجل، وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم إعتكف في شهر رمضان من كل عام العشرة أيام الأخيرة وإعتكف فى العام الذى توفى فيه عشرين يوما ـ رواه البخارى وأبو داود.
والإعتكاف: إما واجب وهو ما أوجبه المرء على نفسه، إما بالنذر المعلق مثل أن يقول: لله علّى أن أعتكف كذا يوما، أو بالنذر المشروط كأن يقول إن نجحت في الإمتحان لأعتكفن كذا يوما.
وفى صحيح البخارى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ( من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه )، وعن ابن عمر عن عمر رضي الله عنه أنه قال يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف في المسجد الحرام ليلة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أوف بنذرك.
والإعتكاف المسنون: ما تطوع به المرء تقربا إلى الله تعالى وطلبا لثوابه وإقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ويتأكد ذلك فى العشر الأواخر من رمضان حيث يتوقع فيها ليلة القدر.
والإعتكاف الواجب: يؤدى حسب مانذره وسماه الناذر من المدة والمكان.
والإعتكاف ليس له وقت محدد فهو يتحقق بالمكث فى المسجد بنية الإعتكاف ويثاب على بقائه فى المسجد بهذه النية، فإذا خرج من المسجد ثم عاد إليه جدد النية، فعن يعلى بن أمية قال: إني لأمكث فى المسجد ساعة ما امكث إلا لأعتكف.
وللمعتكف أن يقطع إعتكافه المستحب متى شاء قبل إنتهاء المدة التى نواها، فعن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه قالت وإنه أراد مرة أن يعتكف في العشر الأواخر من رمضان، قالت فأمر ببنائه فضرب فلما رأيت ذلك أمرت ببنائي فضرب، قالت وأمر غيري من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ببنائه فضرب فلما صلى الفجر نظر إلى الأبنية فقال ما هذه آلبر تردن قالت فأمر ببنائه فقوض وأمر أزواجه بأبنيتهن فقوضت ثم أخر الاعتكاف إلى العشر الأول يعني من شوال. سنن أبى داود.
وفى هذا دليل على أن للرجل أن يمنـع زوجته من الإعتكاف بغير أذنه، وإليه ذهب عامة العلماء. ويشترط فى من يريد الإعتكاف أن يكون مسلما مميزا طاهرا من الجنابة رجلا أو إمرأة طاهرة من الحيض والنفاس.
وأركانـه: هي نية المكث فى المسجد بنية التقرب إلى الله تعالى لأن أي عمل من غير نية لا ثـمرة له. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إنما الأعمال بالنيات .… )، ومن قال بأن الإعتكاف يجب أن يكون فى المسجد أستدل بــقول الله سبحانه وتعالى: ( وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ) سورة البقرة الآية 187.
وُأختلف في المسجد الذى يصح الإعتكاف فيه، فذهب الإمام مالك والشافعى إلى القول بأنه يصح فى أي مسجد لأنه لم يصح فى تخصيص بعض المساجد رأى صريح، وقال الإمام أبو حنيفة: يصح فى كل مسجد له مؤذن وإمام، وقال الشافعي: الأفضل أن يكون فى المسجد الجامع، وللمعتكف أن يؤذن فى المسجد فإذا خرج من باب المسجد لأي سبب إنقطع إعتكافه، والمعتكف إن صام فأحسن وإن لم يصم فلاشئ عليه كما فى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب ( أوفِ بنذرك ) ولم يشترط عليه صوما.
والمعتكف إذا دخل المسجد بنية الإعتكاف يدخل المسجد قبل غروب الشمس ومن نوى الإعتكاف عليه بـقراءة القرآن الكريـم والذكر لله تعالى والصلاة ولايرفث ولايفسق ولايشهد جنازة ولايعود مريضا خارج المسجد ويستحب أن يكثر من نوافل العبادات كالصيام والصلاة وقراءة القرآن والتسبيح والتهجد والتهليل والتكبير والإستغفار والصلاة والسلام على النبى صلى الله عليه وسلم والدعاء، ونحو ذلك من الطاعات التى تقرب إلى الله تعالى، وتصل المرء بخالقه، وكذلك مدارسة العلم وإستذكار كـتب التفسير والحديث وقراءة سير الأنبياء والصالحين وكـتب الفقه ويستحب أن يتخذ لنفسه خباء فى صحن المسجد إقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ويكره أن يشغل نفسه بما لايعنيه من قول أو فعل، يقول الرسول عليه أفضل صلوات الله وتسليمه : ( من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه ) رواه الترمذى.
ويبطل إعتكافه أو يفسده : الغيبة و النميمة وما قبح من قول أو فعل.
وثواب الإعتكاف عظيم: فقد روى عن على بن الحسين عن أبيه رضى الله عنهم: قال رسول الله: ( من اعتكف عشرا في رمضان كان كحجتين وعمرتين )، وعن ابن عباس رضى الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من مشى في حاجة أخيه وبلغ فيها كان خيرا من إعتكاف عشر سنين، ومن إعتكف يوما إبتغاء وجه الله تعالى جعل الله بينه وبين النار ثلاث خنادق أبعد ما بين الخافقين ) رواه الطبرانى.
ومن أهم آثار الإعتكاف هو صفاء النفس والطمأنينة وإفراغ القلب من الدنيا وملء القلب بحب الله عز و جل.
بقلم فضيلة الشيخ: إبراهيم نصير – رحمه الله – من علماء الازهر الشريف.