مفهوم – يرى خبراء في التكنولوجيا أن مستقبل النقل سيعتمد قريبا على الدراجات الهوائية مع تزويدها بأحدث التقنيات. وقد بدأت الصين بخطوات عملية في هذا الاتجاه، بدل بحث شركات السيارات المستمر عن حلول عملية تجنبا للازدحام المروري والتلوث.
بكين – يرى هوراس ديديو، الذي يعتبر من أبرز المحللين في عالم التكنولوجيا المغيّر لحياة المجتمعات، أن الدراجات الهوائية قد تتربع على عرش وسائل النقل مستقبلا.
وبحسب المحلل، فإن الدراجات الهوائية ستحتل الشوارع مكان السيارات في وقت قريب رغم ما يشهده قطاع المواصلات من تركيز شديد على عالم التكنولوجيا، مع مليارات الدولارات المستثمرة في مجال صناعة السيارات الطائرة والمركبات المزوّدة بتقنية القيادة الذاتية.
وكان المدير التنفيذي لشركة تسلا إلون موسك، فكر في حفر أنفاق تحت الأرض لتفادي الازدحام المروي، كما طور الشريك المؤسس لغوغل، سيرغي برين، مركبة طائرة.
ورغم ذلك يقر ديديو بأن أحد أنواع التكنولوجيا المألوفة قد تتربع على عرش وسائل النقل مستقبلا، وأن السيارات ستكون الخاسر الأكبر.
وأشار ديديو إلى النمو الهائل في أنظمة الدراجات الهوائية الصينية والمخصصة للاستعمال العام، واصفا دراجات المستقبل بأنها ستحوي كاميرات وأجهزة استشعار وستعمل على جمع المعلومات للمدن، فمثلا عندما يقود راكبٌ دراجته فوق حفرة بأحد الشوارع، يمكن الإبلاغ عن تلك الحفرة أوتوماتيكياً للجهات المختصّة بصيانة الشوارع في المدينة التي يوجد فيها ذلك الشارع.
ويمكن للكاميرات الإبلاغ عن نسب التلوث في المدن ومعدلات الازدحام المروري ومواقعه، وسيبدو تطبيق مثل غوغل ستريت فيو قديما مقارنة بنوعية الصور التي قد نتمكن من التقاطها بمعدات سهلة مستقبلا، وسيتم أخذ سلامة الكاميرات وأجهزة القياس بعين الاعتبار لتصميم الدراجات بشكل ثابت.
وأكد ديديو أن الدراجات الكهربائية الذكية والمتصلة بشبكة الإنترنت ستسبق وجود السيارات المشابهة لها، وستتميز بمرونة استخدامها وسهولة ركنها وسرعة حركتها التي تفوق السيارات وخاصة في أوقات الازدحام المروري.
كما أنه يمكن الانتقال بالدراجة في الباصات أو القطارات والتوجه بها إلى أي مكان تقريبا أو إلى العمل، وهذا ما قد يمهّد لاستبدال السيارات بالدراجات، بالشكل ذاته الذي استبدلت به كاميرات الهواتف الذكية بالكاميرات المحمولة في يومنا هذا.
وخلال الشهور الماضية ظهرت حمى من نوع آخر في الصين وهي حمى تشارك الدراجات، فقد غمرت الدراجات الملونة المدن واجتاحت الأرصفة، وفي الكثير من الأحيان غيرت طريقة انتقال الناس، حيث بإمكان المستخدمين تشغيل الدراجات باستخدام تطبيقات على الهواتف الذكية، واستخدامها مقابل 0.5 يوان (7 سنتات) فقط لكل 30 دقيقة. وبعد ذلك يمكن تركها في أي مكان مناسب.
في مسعى لجذب المستخدمين، تذهب الشركات في عروضها بعيدا مثل تقديم رحلات مجانية بدراجاتها، أو تقديم مكافآت
وقد تم تجهيز الدراجات بما يحتاجه المستخدمون، فقد تم تزويدها بتقنية تحديد المواقع، كما تم تلوينها بألوان زاهية، وكانت الأكثر شعبية تلك الملونة بالبرتقالي والفضي، والأصفر، والأزرق.
وقد أحب المستخدمون هذه الدراجات لأنها تحقق لهم الراحة وفي الوقت نفسه هي منخفضة التكلفة، وإن كان البعض يشككون في الجدوى المادية لهذه الوسيلة الرخيصة والمبهجة.
وقال آن ييرو (28 عاما)، ويعمل منتجا في بكين، إنه يقفز على إحدى الدراجات لتوفير الوقت في مسافة الكيلومتر الفاصلة بين قطار الأنفاق ومكتبه، والتي كان السير الوسيلة البديلة لقطعها.
ويصف جيا يانغيانغ (26 عاما) -يعمل مترجما- الدراجات بأنها “نعمة”، مضيفا “نادرا ما أركب الحافلة في الرحلات القصيرة لأنني سريع جدا”.
ويعتبر أصحاب الأعمال الناشئة المشاريع بأنها “أوبر بالنسبة إلى الدراجات”. وتماما مثل شركات الاستخدام المشترك للسيارات من قبل، فقد جذبت مئات الملايين من الدولارات كرأس مال استثماري مغامر.
وقد أطلق موظف سابق في أوبر بالصين أواخر عام 2015 شركة موبايك، وهي واحدة من أكبر الشركات من حيث جذب التمويل.
أما منافستها الأبرز أوفو فقد أسسها خريجون من جامعة بكين عام 2014 واكتسبت شعبية في بادئ الأمر في جامعات بكين. وقد جذب انطلاق المشروع في مارس الماضي 450 مليون دولار من مستثمرين من بينهم شركة تشارك الدراجات ديدي شوكسينغ.
وقد أصبح كل من أوفو وموبايك من بين تلك الشركات التي يطلق عليها اسم “أحادية القرن” وهو لقب يُطلق على الشركات حديثة التأسيس. وقد ظهرت ما لا يقل عن 30 شركة شبيهة في مختلف المدن الصينية. ويقول المراقبون إن المستثمرين يضخون فيها الكثير من رأس المال وكأنهم يخشون إضاعة فرصة نادرة.
وفي مسعى لجذب المستخدمين، تذهب الشركات في عروضها بعيدا مثل تقديم رحلات مجانية بدراجاتها، وفي حالة موبايك تعطي المستخدمين مكافآت ائتمانية أو نقدية لاستعادة الدراجات من المناطق النائية أو التي يصعب الوصول إليها.
ويرى تشاو جين الأستاذ بجامعة النقل في بكين أن الحكومات المحلية يمكن أن تكون عاملا حاسما في نجاح شركات مشاركة الدراجات، مضيفا أنه إذا أقامت حكومات المدن ممرات للدراجات وصممت ساحات لإيقافها، فإنها ستعزز نمو مشروع مشاركة الدراجات، موضحا أن الاستخدام المشترك للدراجات “ساعد المدن كثيرا”.
وفي غضون ذلك، تتوسع الشركات الناشئة في الخارج، فقد أطلقت موبايك بالفعل خدماتها في سنغافورة قبل أيام. كما قامت شركة بلو جوجو لمشاركة الدراجات بتوسيع أعمالها في سان فرانسيسكو.
وتعتزم أوفو البدء ببضع مئات من الدراجات في مدينة كامبريدج البريطانية في وقت لاحق من العام الجاري. وربما نجد حمى تشارك الدراجات تنتشر في كامل أنحاء العالم.