الحياة على كوكب المريخ

مفهوم – يعتبر كوكب المريخ الكوكب الرابع في المجموعة الشمسية، ويعرف باسم الكوكب الأحمر، وذلك بسبب وجود كميات كبيرة من أكسيد الحديد على سطحه، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ طبقة الغلاف الجوي له تتكوّن من ثاني أكسيد الكربون، وهذه الطبقة الرقيقة والباردة تمنع وجود الماء السائل فيه، الأمر الذي يجعل من مساحة هذا الكوكب مساوية لمساحة كوكب الأرض، بالرغم من عدم تجاوز حجم المريخ لـ 15% من حجم الأرض، إلا أنّ ما يقارب ثلثي مساحة الأرض مغطّى بالماء، ممّا يجعل من مساحة اليابسة في كلا الكوكبين متساوية.

معلومات عن كوكب المريخ

قطر كوكب المريخ يبلغ قطر المريخ حوالي 6800كم، ممّا يجعله ثاني أصغر كوكب في المجموعة الشمسية، علماً أنّ كوكب عطارد يحتل المرتبة الأولى، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ هذا القطر يساوي نصف قطر كوكب الأرض، كما يبعد المريخ عن الشمس بمعدل 228 مليون كيلومتر، وهي تعادل المسافة ونصفها بين الشمس والأرض.

مناخ كوكب المريخ

يعتبر مناخ المريخ مماثلاً لمناخ الأرض منذ فترةٍ طويلة تعادل حوالي 3.5 مليار سنة، حيث كان الجو رطباً ودافئاً، إلا أنّه بسبب صغر حجم الكوكب، وبسبب التفاعلات الكيميائية في الغلاف الجوي فيه بين الماء وثاني أكسيد الكربون أصبح الغلاف الجوي رقيقاً جداً، وانخفضت درجة الحرارة كثيراً، الأمر الذي أدّى إلى تجمّد الكمية المتبقية من الماء في القطبين أو اختبائها في الينابيع الجوفية العميقة.

تبلغ درجة الحرارة على سطح الكوكب حوالي 20 درجة مئوية وقت الظهيرة عند مستوى خط الاستواء، وتصل درجة الحرارة عند القطبين في فصل الصيف إلى حوالي 153 درجة مئوية، ممّا يزيد من صعوبة العيش على الكوكب، علماً أنّه يؤثر أيضاً على الأجزاء الميكانيكية الموجودة على المريخ، ويسبب مشاكل في الإلكترونيات، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ الشمس تظهر على سطح الكوكب بنصف المساحة التي تظهر بها على سطح الأرض.

مكونات كوكب المريخ

تتكوّن مركز كوكب المريخ من النيكل، والحديد، و17% من الكبريت، علماً أنّ سمك قشرة الكوكب تبلغ حوالي 50كم، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ تربة الكوكب قلويةً حسب المعلومات التي أرسلها مسبار الفضاء فينيكس، حيث تحتوي على العديد من المعادن، مثل: الكلورين، والصوديوم، والبوتاسيوم، والمغنيسيوم، حيث إنّ هذه العناصر موجودة في التربة، وضرورية لنمو النبات. توجد المياه على سطح المريخ على شكل جليد متركّز في القطب الجنوبي والشمالي، إضافةً إلى وجود بعض الجليد في صخور القشرة المريخية، كما توجد نسبة قليلة من بخار الماء في الغلاف الجوي للكوكب، علماً أنّه لا وجود للمياه السائلة الجارية على سطح الكوكب، ويرجع ذلك إلى الانخفاض الكبير في درجة الحرارة.

يوجد في كوب المريخ أعلى قمة جبل، وهو جبل أوليمبوس مونس، حيث يبلغ ارتفاعه حوالي 27كم، وهي أعلى من قمة جبة إيفريست بثلاث مرات، كما يوجد فيه أطول وادٍ في المجموعة الشمسية، وهو وادي البحارة، حيث يبلغ طوله حوالي 4000كم، كما أنّ فيه أكبر البراكين الموجودة في المجموعة الشمسية، حيث يبلغ قطره حوالي 600كم، وهي مساحة كافية لتغطية مدينة بأكملها.

توجد المياه على سطح المريخ على شكل جليد متركّز في القطب الجنوبي والشمالي، إضافةً إلى وجود بعض الجليد في صخور القشرة المريخية، كما توجد نسبة قليلة من بخار الماء في الغلاف الجوي للكوكب، علماً أنّه لا وجود للمياه السائلة الجارية على سطح الكوكب، ويرجع ذلك إلى الانخفاض الكبير

الحياة على المريخ

عند تخيل وجود حياة خارج الأرض، أماكن قليلة تُلهم هذا التخيل، مثل أحد أقرب الجيران للأرض. لقرونٍ عديدةٍ تطلّع الإنسان إلى المريخ وتخيله كمأوى لكائنات أخرى، وعلى مدى السنوات الخمسين الماضية، سعت مختلف البعثات إلى الكوكب الأحمر لتحديد مدى احتمالية وجود حياة هناك، ولكن إلى أي مدى؟

بيئة قابلة للحياة

عند البحث عن الحياة، يعتقد معظم علماء الأحياء الفلكية أنّ الماء هو العامل الرئيسي، لأنّ جميع أشكال الحياة على الأرض تتطلب وجود الماء، وهذا يثير مشكلة على المريخ، فالكوكب جاف، قاحل، وذو مناخ قاسٍ، ومعظم الماء على المريخ تتركز في الغطاءين القطبيين الشمالي والجنوبي، بالإضافة إلى الغلاف الجوي الرقيق الذي يسمح بنفاذ الإشعاع الشمسي إلى سطح الكوكب، هو أحد تحديات البيئة الواجب مواجهتها، وظهرت الأدلة الأولى على وجود الحياة على المريخ عام 2000، عندما أظهر ماسح المريخ العالمي (Mars Global Surveyor) التابع لناسا صورًا لأخاديد (Gullies) تكونت بفعل المياه المُتدفقة.

لكن المريخ لم يكن دائمًا بهذا المناخ القاسي، ويعتقد العلماء انّ الماء قد تدفق على سطح المريخ في الماضي في أنهار وجداول، وكانت المحيطات الشاسعة تُغطي سطح الكوكب، وبمرور الوقت تبخرت المياه في الفضاء، ولكن الظروف المُبكرة للكوكب قد تكون ساعدت على تطور الحياة عليه. وتُشير إحدى التقديرات أنّ المحيط القديم على المريخ كان يٌغطي ما يصل إلى 19% من  سطح الكوكب، مقارنةً بنسبة 17% التي يغطيها المحيط الأطلنطي من الأرض.

وقال مايكل موما ((Michael Mumma – عالم بارز في مركز غودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا – في بيان : «مع فقدان المريخ للكثير من المياه، كان ااكوكب – على الأرجح – رطبًا لفترة أطول مما كان  يُعتقد سابقًا، مما يُشير إلى أنه كان قابلًا للحياة لفترة طويلة في الماضي».  ومن المحتمل وجود مياه متدفقة على المريخ المُعاصر، إما على السطح أو تحته.

واستمر الجدل حول التضاريس أو المعالم المعروفة «بحطوط المنحدرات المتكررة –Recurring slope lineae »  أو اختصارًا (RSL) ما إذا كانت قد تكونت بفعل مياه متدفقة أو رمال متحركة.
وقال كولين دندس- وهو باحث جيولوجي في مركز أبحاث جيولوجيا الأجرام السماوية في فلاجيستاف بولاية أريزونا – في تصريح :« لقد توقعنا أنّ خطوط المنحدرات المتكررة هي تدفقات للماء السائل، ولكن المنحدرات هي أكثر شبهًا بالرمال الجافة». وأضاف  :«وطبقًا لهذا المفهوم، فإن هذا يُعد دليلًا جديدًا على أنّ المريخ جاف جدًا حاليًا».
ويُعتبر الماء أسفل سطح المريخ هو أفضل مكان للحياة، لأن بُعدها عن السطح يوفر لها حماية من الإشعاع الشمسي القاسي، وهناك دليل على وجود ترسبات جليدية بحجم بحيرة سوبريور، وهي أكبر البحيرات الخمس العظمى في أمريكا الشمالية، وقال جاك هولت (Jack Holt) الباحث في جامعة تكساس :

«إنّ الوصول لتلك الترسبات الجليدية هو أكثر سهولة من الوصول إلى معظم الجليد على المريخ، لأنها على خط عرض منخفض نسبيًا، وتقع في منطقة مسطحة وسهلة التضاريس، حيث هبوط المركبات الفضائية سيكون أسهل من بعض المناطق الأخرى مع الثلج المدفون».

زوّار من المريخ

على مدى الأربع مليارات سنة الماضية، استقبلت الأرض عددًا من الزوّار من المريخ، وقُصِف كوكبنا العزيز من قبل العديد من صخور المريخ، ومن بين 34 نيزك من المريخ، توصّل العلماء إلى أنّ ثلاثةً منهم تحوي أدلة على الحياة القديمة على المريخ.

وفي عام 1996 أُثيرت ضجة حول نيزك مريخي يُسمى (ALH 84001)، تم العثور عليه في أنتاركتيكا، حيث ادّعى العلماء أنه يمكن أن يحوي على أدلة على آثار الحياة على المريخ القديم. وتحتوي الصخور المريخية على بقايا مُتحجرة من أشكال الحياة مثل البكتيريا، وفي عام 2012 وباستمرار عمليات كشف المواد العضوية، تم التوصل إلى أنّ هذه المكونات الخلوية قد تشكّلت على سطح المريخ دون تطور الحياة.
وقال الباحث الرئيسي في الدراسة أندرو ستيل (Andrew Steele)، وهو عالم أحياء مجهرية في مؤسسة كارنيجي في واشنطن، لموقع (Space.Com):« يبدو أن المريخ كان يحتوي على مركبات الكربون العضوية لفترة طويلة من الزمن».
ومع ذلك فإن هذه الجزيئات العضوية ليست من أصل حيوي، وإنما من البراكين، وعلى الرغم من الأصل الصخري للجزيئات، فإن طبيعتها العضوية تُثبت أنها إيجابية في البحث عن الحياة.

وأضاف ستيل:« لقد أدت هذه المواد العضوية إلى نشوء الحياة على الأرض، فما مصير المواد العضوية على المريخ، وهي اللبنات الأولى للحياة؟»

ووجد العلماء بقايا مُتحجرة لبكتيريا نانوية على نيزك نخلة والذي تم العثور عليه في مصر، وتوصل العلماء إلى أنّ ما يصل من ثلاث أرباع المادة العضوية الموجودة على النيازك لا تتكون نتيجة التلوث من الأرض، وتُشير دراسة أخرى لشكل بيضاوي يشبه الخلية داخل نيزك نخلة، أنّ تلك المركبات العضوية تكونت من أصل غير حيوي. وقال علماء في دراسة نُشرت في مجلة :

« إن النظر إلى السيناريوهات المحتملة لمنشأ الشكل البيضاوي في نخلة يفتقر إلى الأدلة المقنعة، لذلك واستنادًا إلى البيانات التي حصلنا عليها حول طبيعة الشكل البيضوي، توصلنا إلى نتيجة تُفيد بأن التفسير الأكثر عقلانية، أنّ هذا الشكل تكون نتيجة عمليات جيولوجية لا حيوية».

وهناك نيزك أخر يُدعى شيرجوتي (Shergotty) يحوي علامات تدل على بقايا أغشية حيوية ومجتمعات بكتيرية وقد أشار بعضُ الباحثين في مؤتمر عام 1999 إلى أنّ تلك الأغشية الحيوية قد تكون أدلة على مستعمرات من البكتيريا، ولكن تعتمد هذه الفرضية على مدى كون هذه العلامات هي ميكروبات متحجرة حقًا.

كل هذه العينات بمثابة إشارات مُحيرة على إمكانية الحياة على الكوكب الأحمر، ولكن الفحص المستمر للسطح من الممكن أن يدلنا على مزيد من تطورات الحياة هناك.

البحث عن الحياة

حصلنا على أقرب صورة للمريخ بواسطة المسبار مارينر4 (Mariner 4) وتبعته المركبة فايكنغ (Viking) بإرسال المزيد من الصور للمريخ، وأشارت الصور المفصلة للمريخ على أي أن الكوكب جاف، ولكنه يحتوي على أشكال تضاريسية تُشير إلى أن الكوكب لم يكن كذلك دائمًا مثل الأخاديد، علامات التعرية، الغطائين الجليدين، وكل هذا يُعتبر بصيص أمل على أن المريخ قد يكون استضاف حياة في فترة ما.

فايكنغ هي أول مركبة أرسلتها ناسا للمريخ للبحث عن أثر الحياة هناك، وبالرغم من أن نتائج فايكنغ لم تكن حاسمة، إلا أنها مهدت الطريق لتحقيقات أخرى في بيئة المريخ.

وقد تم تعليق رحلات استكشاف المريخ لأكثر من عقدين، وعندما استؤنفت الدراسة مرة أخرى، انصبّ تركيز العلماء على البحث عن بيئات صالحة للحياة، وتحديدًا البحث عن المياه، وهناك الكثير من الأدلة على وجود المياه تحت قشرة المريخ, وقد تكون العربة اجوالة كريوستي (Curiosity rover) أملًا في إيجاد وتحديد الأماكن القابلة للحياة.

وتوفر البعثات المستقبلية للمريخ عينات للبحث وصخور للدراسة؛ لذلك تُعتبر الروبوتات والعربات الجوالة التي يمكن التحكم بها عن بعد هي أفضل وسيلة لجمع العينات من المريخ.

وهناك  مخاوف كثيرة من أن نكون- نحن البشر-  سببًا في تلوث المريخ، لذلك تفرض السياسات الدولية أعباء مالية ثقيلة، تجعل استكشاف المريخ ليس بالأمر الهين، رغم نداءات الباحثين المستمرة للتخفيف من حدة هذه السياسات.

ويبقى استعمار المريخ، والحياة هناك، حلمًا  يراودنا رغم التحديات.

شاركها

اترك تعليقاً