منزلة السماحة في الإسلام :
أبواب السماحة:
1- السماحة في البيع و الشراء و القضاء :
قال “:غفر الله لرجل ممن كان قبلكم كان سهلا إذا باع سهلا إذا اشترى سهلا إذا قضى ” ، و قال عليه الصلاة و السلام : “إنّ الله يحب سمح البيع ، سمح الشراء ، سمح القضاء”
و سمحا أي سهلا و هي صفة مشبهة تدل على الثبوت فلذلك أعاد الرسول أحوال البيع و الشراء و القضاء و هذا يدل على المساهلة في المعاملة ، و ترك المشاحة ، و عدم المطل : أي إعطاء الناس حقوقهم بغير مهل
و من حسن القضاء أن من استقرض شيئا فرده أحسن أو أكثر من غير شرط كان محسنا و يحل ذلك للمقرض ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان لرجل على النبي جمل سنّ من الإبل فجاءه يتقاضاه ، فقال :”أعطوه” فطلبوا سنه فلم فلم يجدوا إلا سنا فوقها ، فقال ” أعطوه” ، فقال : أوفيتني أوفى الله بك ، قال النبي :” إنّ خياركم أحسنكم قضاء”
2- السماحة في الدين و الإقتضاء :
قال جلّ جلاله :”و إن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة و أن تصدّقوا خير لكم إن كنتم تعلمون”
قال رسول الله :”كان تاجر يداين الناس فإذا رأى معسرا قال لفتيانه تجاوزوا عنه لعلّ الله أن يتجاوز عنا فتجاوز عنه”
و من حسن الإقتضاء : التسامح في التقاضي ، و قبول ما فيه نقص يسير و طلبه بسهولة و عدم إحلاف ، وترك التضييق على الناس و أخذ العفو منهم لعل الله يرحمنا ، قال : “رحم الله رجلا سمحا إذا باع و إذا اشترى و إذا اقتضى ”
3- السماحة بالعلم :
و ذلك ببذل العلم ، و هو من أفضل أبواب السماحة ، و خير من السماحة بالمال لأن العلم أشرف من المال فينبغي على العالم أن يبذل العلم لمن يسأله عنه ، بل يطرحه عليه طرحا ، و إذا سأله عن مسألة استقصى له جوابها استقصاءً شافيا و أوعب في ذكر أدلتها فلا يقتصر على مسألة السائل بل يذكر له نظائرها و متعلقها و مأخذها بحيث يشفيه و يرويه ، و قد سأل الصحابة الكرام رضي الله عنهم النبي عن المتوضىء بماء البحر فقال :”هو الطهور ماؤه الحل ميتته ” فأجابهم على سؤالهم و جاد عليهم بزيادة لعلهم في بعض الأحيان أحوج إليها مما سألوه عنه
4-السماحة بالعرض :
و في هذه السماحة من سلامة الصدر و راحة القلب و التخلص من معاداة الناس ما فيها… كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه ينفق على مسطح ابن أثاثة لقرابته منه و فقره ، و عندما هلك مسطح فيمن هلك من أصحاب الإفك فخاض مع الخائضين الذين اتهموا السيدة عائشة رضي الله عنها بالفاحشة أقسم أبو بكر رضي الله عنه أن لا ينفق عليه ، فعوتب الصديق فتصدق بعرضه على الرغم من عظم ذنب مسطح ، و لله درّ القائل: فإنّ قدر الذنب من مسطح
يحطّ قدر النجم من أفقه و قد جرى منه الذي جرى و عوتب الصديق في حقه
و أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها تخبرنا بجلية الأمر ، قالت:”…فلما أنزل الله براءتي ، قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه و كان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه و فقره : و الله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة ما قال فأنزل الله : “و لا يأتل أولوا الفضل منكم و السّعة أن يؤتوا أولي القربى و المساكين و المهاجرين في سبيل الله و ليعفوا و ليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم و الله غفور رحيم” ، قال أبو بكر :بلى و الله إني أحب أن يغفر الله لي ، فرجع إلى النفقة التي كان ينفق عليه ، و قال : و الله لا أنزعها أبدا .
5-السماحة بالإحتمال :
و هي من أنفع أبواب السماحة ، و لا يقدر عليها إلا النفوس الكبار ، فمن صعب عليه السماحة في المال فعليه بهذا الكرم و السخاء فإنه يجتني ثمرة عواقبه الحميدة في الدنيا قبل الآخرة، قال تعالى:”أذلة على المؤمنين” أي جانبهم ليّن هيّن على إخوانهم المؤمنين و لم يرد الهوان ، و قال جلّ جلاله :”واخفض جناحك لمن اتّبعك من المؤمنين ” ، أي كن لينا لأنك “ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ” ، قال النبي المؤمنون هيّنون ليّنون مثل الجمل الأنف الذي إن قيد انقاد و إن سيق انساق ، و إن أنخته على صخرة استناخ ”
3-السماحة منجاة من كرب يوم القبامة : قال رسول الله :”من أنظر معسرا أو وضع له أنجاه الله من كرب يوم القيامة “، و قال :” من أنظر معسرا أو وضع عنه أظله الله يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله ”
4- السماحة تُحرّم صاحبها على النار :قال : “من كان سهلا هيّنا ليّنا حرّمه الله على النار ” ، و قال :”ألا أخبركم بمن تحرم عليه النار غذا ، على كل ليّن قريب سهل”