مفهوم الحرية
الحرية ليست علم يدرس أو مهارة تكتسب إنها نزعة وحاجة إنسانية هي كالطعام والشراب، فأنت لكي تعيش لا بد أن تأكل وتشرب، وكذلك لا بد أن تكون حراً لكي تعيش إنساناً لا حيواناً تقاد حيث يشاء الآخرون، وكما أنك تبحث عن الطعام والشراب وتسعى لتوفيره فالحرية كذلك يجب أن تبحث عنها وتسعى لتحصيلها.
للحريّة مفاهيمٌ عدّة، تختلف على حسب زاوية النّظر الّتي ننظر منها لهذا المصطلح، فمثلاً تعريف الحريّة الفلسفي يختلف عن تعريفها القانوني والمعجمي.
وقد ورد في قاموس Lettre ما يلي: الحريّة هي وضعيّة الإنسان غير المملوك، وجاءت أيضاً بمعنى القدرة على العمل أو الامساك عنه.
ونستعرض مفهوم الحريّة من النّاحية القانونيّة، فما هو مفهوم الحريّة العامة؟ وما هي المذاهب الفكريّة الّتي مرّت بها؟
مفهوم الحريّة قانونيّاً
الحرية بمعنها القانوني هي: استطاعة الأشخاص على ممارسة أنشطتهم دون إكراه، ولكن بشرط الخضوع للقوانين المنظّمة للمجتمع.
وقد عرفت الحريّة العامّة الكثير من الأفكار والمذاهب المتعلّقة بها، وأهمّها، نجد المذهب الفردي، الّذي يؤكّد على الحريّة الفرديّة، ويعتبر الفرد هو غاية النّظام، وما السلطة الحاكمة إلّا وسيلة لتحقيق الأمان، لذا يصفها بشرطيّ المرور الّذي ينظّم السّير فقط. وفي مقابل ذلك نجد المذهب الاشتراكي الّذي قدّس الجماعة، واعتبرها غاية التّنظيم السّياسي، وهكذا أصبح الفرد في هذا المذهب أداةً في يد السّلطة تحقّق بها الأهداف الجماعيّة والفرديّة على حد سواء. إضافةً إلى المذهب الفردي والمذهب الاشتراكي، نجد مذهب التدخّل الجزئي، وهو مذهب يقف موقفاً معتدلاً بين المذهبين السّابقين. وهكذا فإنّ تحديد النّظام السّياسي المتّبع في بلد ما، يمكّننا من معرفة مدى اتّساع أو تقلّص الحريّة العامّة المسموحة بها في ذلك البلد.
ولكن من الممكن أن نميّز بصفة عامّة بين نوعين من الحريّة: حريّة التّنفيذ وحريّة التّصميم، والمقصود بحريّة التّنفيذ: تلك المقدرة على العمل أو الامتناع عن العمل دون الخضوع لأيّ ضغط خارجيّ، والحريّة بهذا المعنى عبارة عن القدرة على التّنفيذ مع انعدام كلّ قسر خارجي. أمّا حريّة التّصميم: فهي عبارة عن القدرة على الاختيار، أعني القدرة على تحقيق الفعل دون الخضوع لتأثير قوىً باطنة، تحدّ من حريّة التّصميم كالدّوافع والأهواء.
والحرية ليست هي الإيذاء والتعدي على حقوق الآخرين، والسب والشتم والتلفظ ببذيء القول؛ بل هذا نوع من أنواع الديكتاتورية، ومحاولة للتسلط القذر وفرض الرأي على الآخرين.
الحرية الاعتراف بالآخر وأنه موجود له قيمته الإنسانية وحقوقه المدنية، وهنا يخطر في البال فتح الشام في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه فهو لم يهدم الكنائس عندما فتحها بل أبقاها على ما هي عليه، وهذا نوع من الاعتراف بالآخر وأن له حقوق يجب أن تعطى، وإن كان كافراً، وهذا المفهوم الحرية فهو عملية تبادلية فكما أنك تمنحني الحرية فيجب أن أمنحك الحرية.
ويمكن أن نلخص مفهوم الحرية بأنها طعم الحياة، ولا يمكن شرائها أو التخلّي عنها؛ فيجب على الجميع امتلاكها ليمارسوا حياتهم بكلّ سعادةٍ وسرور، كما إنّ الحريّة تعرّف بشكل عام بأن يقوم الأفراد بأنشطتهم، وممارسة أعمالهم دون وجود إكراه عليهم؛ حيث إنّ هناك قوانين منظّمة بالمجتمع يجب الاقتداء بها وعدم التعدّي عليها، كما أنّ للفرد الحريّة في اختيار الدّيانة، وحريّة في المأكل والمشرب، وفي السّفر والعمل، واختيار شريك الحياة، كما أنّ هناك أنواع للحريّة وهي: حريّة التّنفيذ، وحريّة التصميم؛ فحريّة التّنفيذ: هي القدرة على العمل أو عدمه دون وجود ضغوط خارجيّة، أمّا حريّة التّصميم فهي تعرف بالحريّة على الاختيار، وهي تعني بأن يكون هناك مقدرة على تحقيق وتنفيذ الفعل دون خضوعٍ لأيّ تأثير، سواء أكانت دوافع أو أهواء.