التوكل على الله سبيل المخلصين

مفهوم – إن التوكل على الله هو عبادة الصادقين، وسبيل المخلصين، أمر الله تعالى به أنبياءه المرسلين، وأولياءه المؤمنين، قال رب العالمين: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِير}

وقال تعالى :{ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ * إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}

وأمر به المؤمنين: فقد قال الله تعالى في سبعة مواضع من القرآن :{وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}

فهو من أعظم العبادات التي يتقرّب بها العبد إليه عزّ وجل، وجعله الله شرطاً للإيمان والإسلام؛ لأنه أعظم درجات التوحيد التي تقود إلى القيام بالأعمال الصالحة، ويُعدُّ التوكل من الأعمال القلبيّة التي لا تتم باللسان، فما هو تعريف التوكل على الله؟ وما ثمراته التي يحصل عليها العبد؟

تعريف التوكل على الله

تعريف التوكل لغةً: هو من وَكَلَ، ويعني الاعتماد على الغير لتسيير أمرٍ ما وتفويضه، وإظهار العجز أمامه، فعندما نقول وكلت أمري لفلان فذلك يعني أنني اعتمدت عليه، ووكّل فلان فلاناً إذا استكفاه أمره ثقةً بكفايته، أو عجزاً عن القيام بالأمر بنفسه، ويُقال وكل إليه الأمر وَكْلاً ووكولاً: أي سلمه وترك، والوكيل الذي يقوم بأمر موكله،

بينما التوَكُّل في علم الكلام هو جمع العزم على الفعل في اطمئنان القلب إليه تعالى.

التوكل اصطلاحاً: هو صدق الاعتماد على الله في تسيير الأمور، واستجلاب المصالح، ودفع مضارّ الدنيا والآخرة، فيكون العبد واثقاً مما عند الله تعالى، وراضياً به، ويائساً ممّا في أيدي الناس، قال تعالى: (وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) ‏[‏المائدة‏:‏ 23‏‏‏]‏، وقال تعالى‏:‏ (إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ) ‏‏[‏يونس‏:‏ 84‏‏]‏.

التوكل على في السنة

عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:

﴿ لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ، تَغْدُو خِمَاصًا، وَتَرُوحُ بِطَانًا ))

[ أحمد، النسائي، ابن ماجه، الحاكم، وقال الترمذي حسن صحيح ]

1 – الحياة والرزق مصدرٌ لقَلقِ الناسَ:

 حديث على إيجازه بليغ في مدلولاته، أولاً ما الذي يقلق الناس ؟ الرزق وقبل الرزق الحياة، حياة الإنسان ورزقه، فإذا أيقن العبد أن له عند الله عمراً لا ينقص ولا يزيد، وأن له عند الله رزقاً لا بد من أن يستوفيه، إذا أيقن أن أجله محدود، ورزقه مقسوم رفع عنه ضغط كبير.

2 – هذا الحديث أصلٌ في التوكّل على الله:

 هذا الحديث يتعلق بالتوكل، ولو أنك توكلت على الله، انظر إلى الطفل الصغير لا يهتم لا بالإنفاق ولا بالمصروف ولا بارتفاع الأسعار، ولا بشح الموارد، ولا بتعقيد الحياة، كل همه على أبيه، ما يهتم إطلاقاً، طفل عمره سنة أو سنتان، تراه يفرح، ويمرح، ويضحك، المؤمن الصادق حينما يضع همومه عند الله عز وجل يستريح، هذا الحديث الشريف قال عنه العلماء: هو ” أصل في التوكل “، وهناك أحاديث تبين التوكل من زوايا فرعية، أما هذا الحديث فيعد أصلاً في التوكل، وهذا الحديث يعد من أعظم الأسباب التي يجلب بها الرزق، فهو أصل في التوكل وأصل في طلب الرزق، قال تعالى:

﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾

( سورة الطلاق )

﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾

( سورة الطلاق )

 النبي عليه الصلاة والسلام قرأ هذه الآية، وقال: لو أن الناس كلهم أخذوا بها لكفتهم.

3 – نحن بحاجة إلى التوكّل على الله

 والآن نحن في أمسّ الحاجة إلى هذه الآية، نحن في أشد الحاجة إلى التوكل، إلى أن تلقي الهموم كلها عند الله، يا رب، أنا عبدك، وابن عبدك ناصيتي بيدك،

(( اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، وَابْنُ عَبْدِكَ، وَابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ ))

[أخرجه أحمد وابن حبان والحاكم من حديث ابن مسعود]

 أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له السماوات والأرض من أن تنزل بي سخطك، أو تحلّ بي غضبك، ولك العتبى حتى ترضى، لكن عافيتك أوسع لي.
هذا الدعاء من القلب، الدعاء مع الخشوع، الشعور أن الله بيده كل شيء، يا رب، ليس لي إلا أنت، أنا لا أملك إلا رحمتك، إذا قطعت الأسباب، إذا قطعت العلائق، وتوكلت على الله عز وجل فلا شك أنك تشعر براحة كبيرة، أنا علي أن أعبده، أنا علي أن أبحث عن أمره، أنا علي أن أطلب العلم، أن أتعلم، وأن أتقصى أمره، وأن أنفذ أمره، والباقي كله عليه، هو يعلم حاجتي، عبدي كن لي كما أريد ولا تعلمني بما يصلحك، لا تجشم، لا تكلف خاطرك، تقول ماذا تريد، أعلم ماذا تريد، أعلم ماذا يصلحك، أعلم ماذا يسرك، أعلم ماذا يرضيك، أعلم ماذا يسعدك، كن لي كما أريد أكن لك كما تريد.

4 – التوكل والتقوى:

 يقول بعض السلف: ” لو حقق الناس التقوى والتوكل لأفلحوا “، فإن التوكل بلا تقوى لا يصح، وكل إنسان متلبس، وهذه أخطر فكرة في الدرس، كل إنسان متلبس بالمعصية لا يستطيع أن يتوكل على الله، لأنه خجول، لأن وجهه أسود، لا يستطيع أن يقول: يا رب توكلت عليك، أما إذا حقق العبد التقوى، أي طاعة الله عز وجل فبإمكانه أن يتوكل عليه، قدمت شيئًا يا رب، أنا أطيعك، هذا قسمي فيما أملك، أنا أملك أن أطيعك، لكن لا أملك الأقدار، الأقدار بيدك يا رب، أنا لا أملك الصحة، لكن أملك أن أطيعك، أنا لا أملك المال، لكنك تملك المال، أنا أملك أن أطيعك، أنا لا أملك الأقوياء، هم بيدك، أنا أملك أن أطيعك، الأمر واضح جداً، أنت ماذا تملك ؟ تملك أن تطيعه، أنت مكلف بطاعته، ما أنت مكلفٌ به محاسب عليه، وما لست مكلفاً به لا تحاسب عليه، الأقوياء ليسوا بيدك، السماء ليست بيدك، تمطر أو لا تمطر، يا رب إن أمطرتنا فهذه رحمتك الواسعة، وإن لم تمطرنا فهذه حكمتك البالغة، شيء مريح.

5 – التوكل استسلام لله تعالى:

 أنا قلت لكم مرة: أستاذ لنا في الجامعة من كبار أساتذة علم النفس عقد مؤتمر للطب النفسي في أوربا في ألمانيا، وكان هو مندوب سوريا في هذا المؤتمر، بدأ محاضرة بليغة وطويلة، قال في مقدمتها: أعلن عليكم أيها السادة أن نسبة الأمراض النفسية في مجتمعاتنا قليلة جداً بسبب الإيمان بالله عز وجل.

هم الأحبة إن جاروا وإن عدلوا  فليس لي عنهم معدل و إن عدلوا
والله و إن فتّتوا في حبهم كبدي  باق على حبهم راض بما فـعلوا

 هناك استسلام لله عز وجل، أقامك في هذا الشكل، وفي هذا الدخل، وبهذه الإمكانيات، وبهذا البيت، وبهذه الحرفة، ليس في الإمكان أبدع مما كان، يا رب هذا حكمك، وأنا راض بحكمك، مشاعر الرضى لا توصف، المؤمن إذا ارتقى في الإيمان يشعر بالسعادة التي لا توصف حينما يرضى بقضاء الله، ترضى بقضاء الله، وقد يكون هذا القضاء مكروهاً.

لذلك كان التوكل من أعظم الأسباب التي يستجلب بها الرزق، ولو حقق العباد التوكل والتقوى لاكتفوا بذلك في مصالح دينهم ودينايهم.
 هناك قطعتان من أرضٍ معدتّان للبناء اشتراهما رجلان، الأرض الأولى لم يعطى رخصة البناء، لأن هذه الأرض سوف تمر بها المجاري، والثاني أعطي رخصة البناء، فأنشأ المخططات، وحفر الأساسات، وأقبل عليه الناس، وقبض المبالغ الطائلة وتألق وجهه، ولمعت عيناه، وعلت الابتسامة على وجهه، الثاني يرى جاره يبيع ويشتري، وهو معطل ما زال الهم يضغط عليه، ويضغط عليه حتى أصيب بأزمة قلبية، بعد عامين نال الرخصة، فأصبحت سعر أرضه أضعافاً مضاعفة عن كل أرباح جاره، ولكن بعد فوات الأوان، لو توكل على الله لكسب الدنيا والآخرة، لا تعرف الخير أين هو، قال تعالى:

﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ ( سورة البقرة)

 أيها الإخوة الكرام، يكفينا جميعاً قصة سيدنا الخضر، سفينة خرقت ولولا أنها خرقت لصودرت، ما الذي جعلها تنجو من المصادرة أنها خرقت، فلو علم صاحبها مسبقاً أن هذا الخرق لصالحه لكان شاكراً للذي خرقها له، لكنه لا يعلم، ثم كشف الغطاء.

إذا تحقق العدل من التقوى والتوكل فقد اكتفى بهما في مصالح الدين والدنيا.

الاخذ بالأسباب ثم التوكل على الله

 لكن أيها الإخوة، الذي لا أريده أن تفهموه مني أنك إذا توكلت على الله تركت السعي بالأسباب، الله عز وجل قال:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ﴾

( سورة النساء )

﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ﴾

( سورة الأنفال )

﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ﴾

( سورة الجمعة )

 لذلك قال بعض العلماء:

(( من طعن في الحركة يعني في السعي والكسب فقد طعن في السُّنة ))

 كل إنسان ساكن يقبع في بيته لا يتوكل على الله حقيقةً، أنت إنسان كسولٌ، ليس هذا هو التوكل، التوكل أن تأخذ بكل الأسباب، التوكل مكانه القلب، والجوارح مكانها السعي، لا تخلط هذا بذاك، لا تلبس على الناس دينهم، التوكل في القلب، والسعي بالجوارح، قال أحد العلماء: ” من طعن في الحركة يعني في السعي والكسب فقد طعن في السنة، ومن طعن في التوكل فقد طعن في الإيمان “.

 إذا ما توكل الإنسان معنى ذلك أنه ضعيف الإيمان، وإذا ما سعى فهو ضعيف التطبيق للسنة، النبي كان يسعى، وأكملُ شيءٍ أن تسعى بجوارحك، وأن تتوكل بقلبك، أنا علي أن أسعى، وأوضحُ مثلٍ أن المطارِدين من قريشٍ حينما وصلوا إلى غار ثور النبي بقي رابط الجأش، هو أخذ بالأسباب، والآن هو متوكل، مثلُ طالب درس، ليس مضطربا، الآن توكل التاجر، اشترى البضاعة المناسبة، واجتهد في اختيارها وأسعارها، ويرتاح، الآن بيعها على الله، المزارع زرع في الوقت المناسب وتوكل، شيء جميل، لك مظهران مظهر السعي والنشاط والحركة، والعلم والأسباب والخطط، ومظهر من الداخل سلام في سلام، يا رب، هذا الذي علي فعلته بقي الذي عليك، في الدراسة، والزواج والتجارة والصناعة والقضاء والطبابة والتدريس والهندسة، عليك سفر، أنت راجعت السيارة، الميكانيك والأجهزة فقط، وعلى الله الباقي، أما إذا ما راجعتها فلا يكفي التوكل، تنشأ معك مشكلة كبيرة، لو راجعت السيارة تقول: أنا متوكل يا رب، ما فيها كوابح، ولا شيء، هذا غير معقول، ما هذا التوكل ؟ هذا الشخص المتوازن بقدر ما هو مستسلم بقدر ما هو يأخذ بالأسباب.

علاقة التوكل بأفعال الإنسان التعبدية والعادية

1 – علاقة التوكّل بالطاعة والعبادة:

 قال بعض العلماء: ” أفعال الإنسان ثلاثة أنواع، أولها الطاعات التي أمر الله عباده بها، وجعلها سبباً للنجاة من النار ودخول الجنة، هذه الطاعات لا بد من فعلها مع التوكل على الله، والاستعانة به عليها، فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله، قال النبي عليه الصلاة والسلام في تفسير هذه الكلمة:

(( لا حول عن معصية الله إلا بالله، ولا قوة على طاعته إلا به ))

[ ورد في الأثر ]

 يجب أن تتوكل على الله في أداء الطاعات، وأحيانا الله عز وجل يضعف لك همتك، يضعف لك مقاومتك أحياناً، وإذا رزق الله الإنسان الاستقامة فلا ينبغي أن يتيه بها على الخلق، أنا مستقيم، وأنا غير فلان، ومن أنت ؟ إذا كنت مستقيماً فهذا فضل من الله عليك، فإذا استقام الإنسان على أمر الله، واعتد باستقامتك، وتاه بها على عباد الله فهذه ليست استقامة، لقد شابها الكبر، شابها العلو، لذلك هذه الاستقامة ليست مقبولة إلا إذا خالطها التواضع، خالطها العبودية لله، المؤمن الصادق إذا وفقه الله لطاعة يشكر الله على أن وفقه إليها، يا رب، سمحت لي أن أقوم بهذا العمل، سمحت لي أن أحضر هذا المجلس، وهناك إنسان مريض، وإنسان يسبب الله عز وجل له متاعب كثيرة في حياته، مشاكل في البيت والعمل، والأولاد، فإذا فرغه الله عز وجل، وسمح له أن يحضر مجلس علم فهذه من نعم الله، قال تعالى:

﴿يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ﴾

(سورة الحجرات )

 حتى العبادة تحتاج إلى توكل، والدليل، الفاتحة:

﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾

( سورة الفاتحة: الآية 5 )

 تستعين بالله على صلاتك، وعلى صيامك، وعلى حجك، وعلى زكاة مالك، وعلى غض بصرك، وعلى ضبط لسانك، وعلى تحرير دخلك، وعلى قيامك بالأعمال الصالحة.

2 – علاقة التوكّل بالعادة والمباح

 الشيء الثاني: ما أجرى الله به العادة في الدنيا، وأمر به عباده، كالأكل عند الجوع، والشرب عند العطش، والاستظلال من الحر والتدفؤ من البرد، هذه أيضاً أسباب، إن لم تأخذ بها تحاسب عليها، فإذا أهمل الإنسان طعام الفطور، وحدث معه ضعف، أو أهمل نوع الطعام، أهمل الحاجات الأساسية التي أمره الله بها، وحدثت له مشكلة فهذه المشكلة يحاسب عليها، يحاسب على تقصيره، جسمك ليس ملكك، فهذا الجسم أمانة بين يديك، سلمك الله إياك فعليك أن تعتني به لأنه قوام حياتك، ورأس مالك في حياتك، فالعناية بالصحة جزء من الدين، أن تعلم ماذا تأكل، ماذا تشرب، هناك أشياء فيها مواد ملوثة، قلنا لك: في الصيف أمراض كثيرة وخطيرة جداً، وحدثت حالات وفيات كثيرة جداً من التلوث، الآن أنا أنصح أن يكثروا تناول الطعام في بيوتهم، فالعامل في مطعم أحيانا لا ينظف نفسه إذا قضى حاجة، لا تعرف هذه السَّلَطة ما بها فيها مواد ملوثة، بهذه الطريقة تنتقل الجراثيم، بهذه الطريقة تنتشر الأوبئة، الخضار الورقية ممنوع استعمالها، الطعام خارج المنزل الأولى للإنسان أن يبتعد عنه لعدم الدقة في إعداده، والغسيل المتقن للخضار والفواكه، هذا أخذٌ بالأسباب وعلى الله الباقي، أما أن تهمل الأمر فلا ينبغي.
 لفت نظري أني قرأت في الجريدة منذ يومين أن كل موظفين المطاعم مكلفون أن يقدموا فحوصاً لبرازهم للصحة، خبر لفت نظري، معنى هذا تنتقل الجراثيم أن بهذه الطريقة، لماذا النبي عليه الصلاة والسلام أمرنا بالنظافة الشديدة، الحقيقة موضوع الغذاء إذا كان مطعم القائمين عليه ليسوا مؤمنين فموضوع النظافة مهمل جداً أن أما المؤمن فحريص على ذلك.

: لو حقق العباد التوكل على الله بقلوبهم لساق الله إليهم أرزاقهم مع أدنى سبب

الآن يقول بعض العلماء: لو حقق العباد التوكل على الله بقلوبهم لساق الله إليهم أرزاقهم مع أدنى سبب كما يسوق إلى الطير أرزاقها بمجرد الغدو والرواح.
أحيانا الله عز وجل يرزقك، لكن بعد أن يعصرك، مشاكل، ومعالجة مع الناس حتى تلحق رزقك، وأحيانا يكرمك الله فيبعث لك رزقا يكفيك مع جهد بسيط، هذا من إكرام الله لك.
 اسمعوا هذه الحقيقة، إذا طلبت العلم، وحضرت مجالس العلم، وأعطيت من وقتك الثمين وقتاً لمعرفة الله، بفهم كتابه، بفهم سنة نبيه، بفهم السيرة، أرجو الله عز وجل ألا أكون مبالغاً في هذا، ساق الله لك رزقاً وفيراً مع جهد يسير، أنا أشعر أحيانا مع شخص يشكو لي درجة غير معقولة، يقول: أنا مسحوق كسحق الليمونة المعصورة، ينام الساعة الواحدة، إذا كانت الدنيا فقط تأخذ منك كل هذا الجهد، وكل ذاك الوقت، والله هذه حياة صعبة، فإذا ألغي وقت فراغ الإنسان فقد ألغي وجوده.
أنا أقول لكم: الآن أي عمل من أعمالكم إذا استغرق كل وقتكم مهما علا دخله فهو خسارة كبيرة، وقد ألغى وجودك، أنت تعمل من أجل رسالة، من أجل إيمانك بالله، من أجل عمل صالح ينفعك بعد الموت.
 أنا أخالف أناساً، الدنيا كلها ما عنده شيء غير تجارته من الفجر إلى نصف الليالي، لا زوجة، لا أولاد، لا مجلس علم، لا درس فقه، لا قرآن، كل وقته في تجارته، تجارته قبر له، وفي معمله، معمله قبر له، وفي وظيفته، وظيفته قبر له، انتهى الإنسان، العمل الذي يستغرق كل وقتك هو خسارة فادحة، ولو در عليك مئات الألوف، لأنك انتهيت، انتهى وجودك، انتهت رسالتك.
أحيانا هناك إنسان يتباهى، والله أنا آتي بعد ما ينام أولادي، وأذهب قبل أن يستيقظوا، مَن لهم أولادك ؟ أنت لست أبًا، أنت منفق عليهم فقط، لو حقق العباد التوكل على الله بقلوبهم لساق الله إليهم أرزاقهم مع أدنى سبب، كما يسوق إلى الطير أرزاقها بمجرد الغدو والرواح.
لذلك الإمام أبو حنيفة قرأ عن النبي عليه الصلاة والسلام حديثاً، كان هذا الحديث انعطافاً في حياته، ما هذا الحديث ؟

(( من طلب العلم تكفل الله له برزقه ))

[ ورد في الأثر ]

هذا الكلام قطعي، إذا طلبت العلم تكفل الله لك برزقك، وربما حرم الإنسان الرزق بذنب يصيبه، لأن الذنوب تقطع الأرزاق.

من أسباب الرزق

1 – الاستقامة:

 وعندنا للرزق سبب آخر، ففي آية قرآنية استنبط منها العلماء أن هذا العمل يسبب بحبوحة الرزق، قال تعالى:

﴿وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً﴾

( سورة الجن )

2 – الصلاة:

 الصلاة، قال تعالى:

﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ﴾

( سورة طه )

 الدليل:

﴿لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى﴾

( سورة طه )

3 – التقوى والتوكل

4 – الاستغفار وإتقان العمل والأمانة والصدقة وصلة الرحم:

 الاستغفار، إتقان العمل، الأمانة، صلة الرحم، الاستقامة والأمانة وصلة الرحم وإتقان العمل والصدقة، استمطروا الرزق بالصدقة والتوكل مع التقوى.

بم نفسر عدم توافر الرزق مع توافر أسبابه

 هذه كلها أسباب لوفرة الرزق، وإذا توافرت كلها والرزق قليل فبمَ نفسر ذلك ؟ نفسر ذلك بالحكمة، كما في الأثر: ” إن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر، فإذا أغنيته أفسدت عليه دينه، وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه، ولن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، والأجل محدود والزرق مقسوم، لا تقلق، قال بعض السلف: توكل تُسَقْ إليك الأرزاق بلا تعب ولا تكلف.

علامة صدق التوكل اليأس مما في أيدي الخلق

سئِل أحد العلماء: ” ما علامة صدق التوكل ؟ فقال: أن يتوكل العبد على الله، وألا يكون في قلبه أحد من الآدميين يطمع أن يجيبه بشيء.

 يجب أن تيئس مما في أيدي الخلق، ما دام فلان لا يقصر لو طرقت بابه، فلان يودني، تقول: باب السماء مغلق، إذا يئست بما في أيدي الخلق أمدك الله عز وجل بما تحتاج، فعلامة صدق التوكل اليأس مما في أدي الخلق.

لا تسألن بني آدم حــاجة و  سل الذي أبوابه لا تُحجَب
الله يغضب إن تركت سؤاله  وبني آدم حين يُسأَل يَغضب
***

 كان أهل اليمن يحجون، ولا يتزودون، ويقولن: نحن متوكلون، فيحجون، فيأتون مكة، فيسألون الناس، فأنزل الله هذه الآية:

﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ﴾ ( سورة البقرة )

هذه الآية تدل على الأخذ بالأسباب، الحقيقة أن صدق التوكل عرفه بعضهم بأنه قطع الاستشراف من الخلق، الاستشراف هو الطمع.
 سئل أحد العلماء: ما الدليل ؟ قال: قول إبراهيم عليه السلام لما عرض عليه جبريل أن يساعده، وهو يرمى في النار، فقال له: ألك حاجة ؟ قال: أما إليك فلا، وظاهر الكلام أن إبراهيم ترفع عن سؤال جبريل حينما ألقي في النار.
الله عز وجل حينما رأى منك يأسك من الخلق أمدك بما تريد.

 سئل أحد العلماء، وهو بشر الحافي عن التوكل فقال: اضطراب بلا سكون، وسكون بلا اضطراب، فقال له السائل: فسره لنا حتى نفقهه، فقال بشر: اضطراب بلا سكون، رجل تطرب جوارحه بالسعي، وقلبه ساكن إلى الله لا إلى عمله، سعى وأخذ بالأسباب، وخطط، وسأل، وقدم واستدعى، أخذ بكل الأسباب، هذا اضطراب، لكن بلا سكون إلى هذا العمل، بل السكون إلى الله عز وجل، رجل ساكن إلى الله عز وجل بلا حركة، ولا اضطراب، فاضطراب بلا سكون، وسكون بلا اضطراب.

كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ

 إذا توكل الإنسان على الله عز وجل، وقصر في تحصيل رزق أولاده فهو محاسب عند الله، والدليل : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(( كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ )) [ أبو داود ]

 أحيانا يفرط الإنسان، أنا أقول له: هذا ليس مالك، هذا مال أولادك، عندك بنات، عندك شباب، له حساب قديم مع شخص أهمله، له عقد شراكة، دعه يعمل بأصله، هل أنت مكتفٍ ؟ لكن عندك أولاد، لو أن هذا المال حصلته، وزوجت أولادك به لكان أفضل، فالتقصير في المطالبة بالحقوق مع شدة الحاجة للمال هذا الإنسان يحاسب عليه.

الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ

 النبي عليه الصلاة والسلام يقول:

(( الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ )) [ صحيح مسلم]

كل مؤمن يسعى ويكسب المال، ويتخذ الأسباب، هذا قوي، هذا أحب إلى الله من المؤمن الضعيف، لأن قوته للمسلمين.
 أخ درس دراسة عالية جداً، احتل منصبا رفيعا، تمكن أن يخدم خمسين أخا، فكلما قوي مركزُ الإنسان كثر ماله، وعلا شأنه، احتل مركزاً رفيعاً، كثر عمله الصالح ،

(( الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ ))

 ولكن القوي أحسن، كإنسان يحمل شهادة عالية جداً، ويصلي أمام الناس، يشجج الضعفاء، صاحب مشروع ضخم، ومستقيم استقامة تامة، العمال كلهم يرونه قدوة، فكلما ارتفعت مكانةُ الإنسان الاجتماعية صار قدوة، أما إذا كان مقصرا فيقال له: اذهب وخذ الشهادة أولا، ثم حل مشاكلك قبل أن تنصحنا.

المؤمن العملي المثالي قدوة لغيره

 أنا قلت مرة لأخ: الناس الآن لا يحترمون المؤمن، ولا يقتدون به إلا إذا تفوق في عمله، إذا كان دكانه نظيفة جداً، حسابات دقيقة مثلاً، إذا كان في التعامل رقي، وإذا كان فيه فوضى و تقصير تجاوزات وإهمال لا يُقتدى به.

(( إِنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْكَيْسِ، فَإِذَا غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ: حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ )) [ أبو داود]

 إنسان مقصر ما نجح، وما درس يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، حسبي الله ونعم الوكيل، هذا جهل، ادرس، اشترى بضاعة من دون دراسة فما بيعت معه، ثم قال: هكذا ترتيب الله، حسبي الله ونعم الوكيل، لا هذا تقصير منك.

(( إِنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْكَيْسِ، فَإِذَا غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ: حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ))

أحيانا يحدث أمر قاهر، وأدق قول قال النبي عليه الصلاة والسلام:

(( إن التوكل بعد الكيس ))

[ ورد في الأثر ]

معنى الكيس التعقل، بعد أن تأخذ بالأسباب تتوكل على الله.
 إنسان عنده مركبة، يجب أن يراجعها، أخطر شيء في المركبة الميزان والمكابح، الميزان والمكابح قد تقتل صاحب المركبة، وهناك أشياء ليست خطيرة، أما هذان الشيئان فخطيران في المركبة، فمن لوازم التوكل الأخذ الأسباب.

قال العلماء: إن التوكل لا ينافي الأسباب، بل قد يكون الجمع بينهما أفضل، أن تجمع بين الأخذ بالأسباب والتوكل على الله عز وجل، والتوكل بالقلب، والأسباب بالجوارح.

أقوال حكيمة في التوكل على الله

 – من توكل على الله لطلب الرزق فقد جعل التوكل سبباً:

 أخر نقطة في التوكل هي من أدق نقاطه: من توكل على الله لطلب الرزق فقد جعل التوكل سبباً، أنا سوف أتوكل حتى الله يرزقني، جعلت التوكل سبباً، يجب أن تتوكل على الله لأنك راض بما قسمه لك، وإن توكلت على الله لأنك راض بما قسمه لك فهذا هو التوكل الحقيقي، أما إذا توكلت على الله كي تجلب بهذا التوكل الرزق فهذا التوكل أصبح مشوبًا.

– التوكل على الله على ثلاث درجات

 الحكماء قالوا: التوكل على الله على ثلاث درجات: أولها ترك الشكاية، فهناك إنسان كثير الشكوى، أينما جلس يحيطك بهالة سوداء، الشغل صعب، أولاد، بيت، جيران، مشاكل، فترك الشكاية أول درجة من درجات التوكل.
وثاني هذه الدرجات: الرضا.
وثالث هذه الدرجات: المحبة، فترك الشكاية درجة، والرضا درجة، والمحبة درجة ثالثة، الأولى للزاهدين والثانية للصادقين والثالثة للمرسلين.

 – أصبحت ومالي سرور إلا في مواضع القضاء والقدر:

 كان سيدنا عمر بن عبد العزيز يقول: ” أصبحت ومالي سرور إلا في مواضع القضاء والقدر الذي يقضيه الله عز وجل “، أنا راض به، قال سيدنا علي: << الرضا بمكروه القضاء أرفع درجات اليقين >>.

نماذج من توكل الأنبياء عليهم السلام والصالحين :

 لما مر ركب برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهم بحمراء الأسد، فأخبرهم بالذي بأن أبا سفيان جمع لهم،وذلك بعيد أحد- قالوا : {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ } ـ أي زاد المسلمين قولهم ذلك ـ {إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ } [ آل عمران : 173، 174 ] .

وقد ثبت في صحيح البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أنه قال :{حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}، قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَام حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالُوا: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}.

عن جابر بن عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِبَلَ نَجْدٍ، فَلَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَفَلَ مَعَهُ، فَأَدْرَكَتْهُمْ الْقَائِلَةُ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ –شجر شوك- فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي الْعِضَاهِ يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ، وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَحْتَ سَمُرَةٍ –شجرى الطلح- فَعَلَّقَ بِهَا سَيْفَهُ، فَنِمْنَا نَوْمَةً ثُمَّ إِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُونَا، فَجِئْنَاهُ، فَإِذَا عِنْدَهُ أَعْرَابِيٌّ جَالِسٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :«إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ سَيْفِي وَأَنَا نَائِمٌ، فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ فِي يَدِهِ صَلْتًا، فَقَالَ لِي: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قُلْتُ: اللَّهُ، فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ» ثُمَّ لَمْ يُعَاقِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم [البخاري ومسلم].

قال أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه: إَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ حَدَّثَهُ قَالَ: نَظَرْتُ إِلَى أَقْدَامِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رُءُوسِنَا وَنَحْنُ فِي الْغَارِ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ أَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ، فَقَالَ :«يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا» [البخاري ومسلم].
وفي ذلك يقول ربنا:{إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 40].

ولما لحق سراقة بن مالك بالنبي صلى الله عليه وسلم بشره بسواري كسرى وهو مطارد، قال له :«كَأَنِّى بِكَ قَدْ لَبِسْتَ سِوَارَىْ كِسْرَى» [سنن البيهقي].

فأي ثقة هذه التي امتلأ بها قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم!

قال تعالى عن هود عليه السلام : {قالُوا يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ * إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِي ءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ} [هود: 53-56].
فكيدوني جميعا لا يتخلف منكم أحد.

قال تعالى عن نوح عليه السلام: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآَيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ} [يونس: 71].
ومعنى الآية: أعدُّوا أمركم، وادعوا شركاءكم، ثم لا تجعلوا أمركم عليكم مستترًا بل ظاهرًا منكشفًا، ثم اقضوا عليَّ بالعقوبة والسوء الذي في إمكانكم، ولا تمهلوني ساعة من نهار.

 قال الله تعالى عن يعقوب عليه السلام: {قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قالَ اللَّهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ * وَقالَ يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْ ءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} [يونس: 66-67].

قال تعالى عن موسى عليه السلام: {فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ *وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ * وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ * فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ * فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ * فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء: 53-62].البحر أمامه، وفرعون خلفه، والجبال الشاهقة ترى عن يمينه وشماله، ومع ذلك :{ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}.

وقال عن مؤمن آل فرعون: {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: 44-46].
أي: ” ألجأ إليه وأعتصم، وألقي أموري كلها لديه، وأتوكل عليه في مصالحي ودفع الضرر الذي يصيبني منكم أو من غيركم” [تفسير السعدي، ص 738].

ولما فوَّضت أم موسى أمرها إلى الله حفظ ابنها ورده إليها، قال تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ * فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ} [القصص: 7-8].

ثمرات التوكل

النصر

قال تعالى: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران: 160].
فأمر الله بالتوكل بعيد ذكره للنصر ليدلل على أن من أسبابه الاعتماد عليه.

الحفظ من الشيطان الرجيم:

قال تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [النحل: 99].

الشجاعة:

فمن امتلأ قلبه بالتوكل على الله فمم يخاف؟
ولهذا كان سيد المتوكلين سيد الشجعان، ففي الصحيحين عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ، وَأَشْجَعَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ لَيْلَةً فَخَرَجُوا نَحْوَ الصَّوْتِ، فَاسْتَقْبَلَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ اسْتَبْرَأَ الْخَبَرَ، وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ، وَفِي عُنُقِهِ السَّيْفُ، وَهُوَ يَقُولُ: «لَمْ تُرَاعُوا، لَمْ تُرَاعُوا»، ثُمَّ قَالَ: «وَجَدْنَاهُ بَحْرًا».

والعُري غير المسرج. و«لم تراعوا»: أي روعا مستقراً، أو روعا يروعكم، و«وجدناه بحراً»: أي واسع الجري.

وفي الزهد لهناد بن السري أن شقيق بن سلمة أبو وائل قال: خرجنا في ليلة مخوفة، فمررنا بأجمة –الشجر الكثير الكثيف الملتف- فيها رجل نائم، وقيد فرسه فهي ترعى عند رأسه فأيقظناه، فقلنا له: تنام في مثل هذا المكان؟ قال: فرفع رأسه فقال: إنّي أستحي من ذي العرش أن يعلم أنّي أخاف شيئا دونه، ثم وضع رأسه فنام.

الرزق:

ففي سنن الترمذي وابن ماجة: عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرُزِقْتُمْ كَمَا يُرْزَقُ الطَّيْرُ، تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا».
تغدو: تذهب أول النهار، وتروح: ترجع آخر النهار.

دليل على صدق الإيمان:

قال تعالى :{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: 2].
وفي سبعة مواضع في القرآن الكريم :{ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}.
وذا قال سعيد بن جبير رحمه الله :”التوكل على الله جماع الإيمان” [الزهد لهناد].

وقال ابن القيم رحمه الله: “التوكل نصف الدين، والنصف الثاني الإنابة؛ فإن الدين استعانة وعبادة، فالتوكل هو الاستعانة والإنابة هي العبادة” [المدارج 2/118].

الكفاية والحماية والرعاية:

قال تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلً} [النساء: 81].
وقال: { وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق:3].
وقال: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال: 49].
في التوكل لابن أبي الدنيا: عن عون بن عبد اللّه قال: بينا رجل في بستان بمصر في فتنة ابن الزبير مكتئبا معه شي ء ينكت به في الأرض، إذ رفع رأسه فسنح له صاحب مسحاة، فقال له: يا هذا مالي أراك مكتئبا حزينا؟ قال: فكأنّه ازدراه فقال: لا شيء. قال صاحب المسحاة: ألدنيا؟ فإنّ الدنيا عرض حاضر، يأكل منها البرّ والفاجر، والآخرة أجل صادق يحكم فيها ملك قادر، يفصل بين الحقّ والباطل.
فلمّا سمع ذلك منه كأنّه أعجبه، فقال: لما فيه المسلمون.
قال: فإنّ اللّه سينجّيك بشفقتك على المسلمين، وسل، فمن ذا الّذي سأل اللّه تعالى فلم يعطه، ودعاه فلم يجبه وتوكل عليه فلم يكفه، أو وثق به فلم ينجه؟ فدعا اللهم سلمني وسلم مني، فتمحّلت، ولم تصب منهم أحدا.

نيل محبة الله:

قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: 159].

وأعظم ثمرة جنة الله:

قال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (58) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ} [العنكبوت: 58-59].

وفي الصحيحين عن ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأُمَمُ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ وَمَعَهُ الرُّهَيْطُ، وَالنَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلَانِ، وَالنَّبِيَّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، إِذْ رُفِعَ لِي سَوَادٌ عَظِيمٌ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ أُمَّتِي، فَقِيلَ لِي: هَذَا مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْمُهُ، وَلَكِنْ انْظُرْ إِلَى الْأُفُقِ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ، فَقِيلَ لِي: انْظُرْ إِلَى الْأُفُقِ الْآخَرِ، فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ، فَقِيلَ لِي: هَذِهِ أُمَّتُكَ، وَمَعَهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ». ثُمَّ نَهَضَ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ، فَخَاضَ النَّاسُ فِي أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَلَعَلَّهُمْ الَّذِينَ صَحِبُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَلَعَلَّهُمْ الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الْإِسْلَامِ وَلَمْ يُشْرِكُوا بِاللَّهِ، وَذَكَرُوا أَشْيَاءَ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا الَّذِي تَخُوضُونَ فِيهِ»؟ فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ: «هُمْ الَّذِينَ َلَا يَسْتَرْقُونَ، ولا يكتوون، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ».

التوكل لا يكون إلا على الله:

يسوغ: لولا الله ثم فلان إن كان فلان سبباً، وليس يجوز: توكلت على الله ثم عليك، وأقبح منه: توكلت على الله وعليك، فإن الله تعالى يقول: {وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ}، {أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلً}، وقال: { وعلى الله فليتوكل المؤمنون}، وتقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر.
فالاستعانة بغير الله فيما يقدر عليه لا شيء فيها، أما التوكل فعل القلب لا يكون إلا على الله تعالى.

أسأل الله العلي أن يملأ قلوبنا بالاعتماد عليه.

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين،،،

شاركها

اترك تعليقاً