مفهوم – الزكاة في اللّغة تعني البركة، والنماء، والطهارة، أمّا المعنى الاصطلاحي لها فهو: حصة مقدرة من المال فرض الله عزّ وجل إخراجها للذين يستحقونها من الفقراء والمساكين، وقد سمّيت الزكاة بهذا الاسم لأنّها تزيد البركة في المال الذي أخرجت منه، كما أنّها تقيه من الآفات، وقد وردت الزكاة الشرعية في القرآن الكريم باسم الصدقة قال تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [التوبة: 103].
والزكاة الركن الثالث من أركان الإسلام، فقال صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس: إيمان بالله ورسوله، والصلاة الخمس، وصيام رمضان، وأداء الزكاة، وحج البيت) [صحيح]، وهي فرض بإجماع المسلمين، فمن أنكر وجوبها فقد كفر، وهي عبارة عن حصة مقدرة من المال تؤخذ من القادرين وتُعطى للفقراء والمساكين، وتكون الزكاة على الذهب، والحلي، والأموال، والزروع، والثمار، والمواشي.
شروط الزكاة الإِسلام:
هو من أهم شروط الزكاة، فالزكاة لا تكون لغير المسلم ولا تؤخذ منه وذلك لأنّ الله سبحانه وتعالى لا يقبل عمل الكافرين، قال تعالى: (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَل مِنْهُمْ نَفَقَاتهمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاَللَّهِ وَرَسُوله وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاة إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ) [التوبة: 54]. الحرية: هي عبارة عن ثاني شروط الزكاة، فالزكاة يجب أن تكون من المال الخاص بالمسلم، فلا تجب على العبد الذي لا يملك شيئاً يزكي عنه، فقال صلى الله عليه وسلم: (مَن ابتاعَ نخلًا بعدَ أن تُؤْبَرَ فثَمرتُها للبائعِ إلا أن يَشْتَرِطَ المُبْتاعُ ، ومَن ابتاعَ عبدًا وله مالٌ فمالُه للذي باعَه إلا أن يَشْتَرِطَ المُبْتاعُ) [صحيح]. امتلاك النصاب: هو عبارة عن مقدار من المال يوجب فيه الزكاة، ويكون بناءً على ما سيتم إخراج الزكاة عنه من مال أو ذهب أو حيوان أو زروع، وفي هذا الشرط فقد قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (ليسَ فيما دونَ خمسةِ أوسُقٍ صدقةٌ، ولا فيما دونَ خمسِ أواقٍ صدقةٌ ، ولا فيما دونَ خمسِ ذَودٍ صدقةٌ) [حسن]، ويجب أن يكون هذا النصاب زائداً عن الحاجات الضرورية التي لا غِنَى للمرء عنها، أن يكون ملكاً كاملاً للشخص المُخرج الزكاة، ولا بد أن يمر على هذا النصاب سنة هجرية كاملة
الحكمة من تشريع الزكاة
ذكر العلماء حكما كثيرة منها: – إتمام إسلام العبد وإكماله لأنها أحد أركان الإسلام. – أنها دليل على صدق إيمان المزكي ، وذلك أن المال محبوب للنفوس. – أنها تزكي أخلاق المزكي ، فتنتشله من زمرة البخلاء وتدخله في زمرة الكرماء. – أنها تشرح الصدر، فالإنسان إذا بذل الشيء، ولاسيما المال، يجد في نفسه انشراحا. – أنها تلحق الإنسان بالمؤمن الكامل “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”. – أنها من أسباب دخول الجنة. – أنها تجعل المجتمع الإسلامي كأنه أسرة واحدة. – أنها تمنع الجرائم المالية مثل السرقات والنهب والسطو. – أنها تكفر الخطايا ، قال الرسول صلّى الله عليه وسلم: “الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار” صححه الألباني في “صحيح الجامع” و هناك حكم أخرى كثيرة حيث أن الله تعالى لا يشرع شيئا إلا وهو متضمن لأحسن الحكم، ومحقق لأحسن المصالح، فإن الله تعالى هو العليم، الذي أحاط بكل شيء علما، الحكيم، الذي لا يشرع شيئا إلا لحكمة.
الأموال التي تجب فيها:
لا تجب الزكاة في جميع الأموال التي يملكها المسلم، وإنما تجب في أربعة أنواع من المال و هي:
– النقود وهي ثلاثة أصناف: الذهب والفضة والأوراق النقدية.
– عروض التجارة وهي: كل ما أعد للبيع والشراء من أجل الربح والتكسب. و يشمل ذلك جميع أنواع الأموال من العقارات والسيارات والملابس والأقمشة والحديد والأخشاب والمواد الغذائية والحيوانات، وغيرها مما أعد للتجارة.
– الخارج من الأرض من الحبوب والثمار.
– بهيمة الأنعام: وهي الإبل والبقر والغنم ضأنا كانت أم معزا، إذا كانت سائمة وأعدت للدر والنسل، وإن لم تكن سائمة فلا زكاة فيها.
فوضح الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك في الحديث إذ دفع إلى أبي بكر الصدّيق رضي اللَّه عنه كتاب الصدقة عن رسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم: (بسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ هذِهِ فريضةُ الصَّدقةِ الَّتي فرضَها رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- على المسلِمينَ الَّتي أمرَ اللَّهُ تعالى بِها فمن سُئِلَها على وجهِها من المؤمنينَ فليُعْطِها، ومن سُئِلَ فوقَها فلا يعطِهِ في أربعٍ وعشرينَ من الإبلِ فما دونَها، الغنمُ في كلِّ خمسِ شاةٌ ، فإذا بلغت خمسًا وعشرينَ إلى خمسٍ وثلاثينَ من الإبلِ ففيها ابنةُ مخاضٍ أنثى، فإن لم يَكُن فيها بنتُ مخاضٍ فابنُ لبونٍ ذَكَرٌ، فإذا بلغت ستًّا وثلاثينَ إلى خمسٍ وأربعينَ ففيها بنتُ لبونٍ أنثى، فإذا بلغت ستًّا وأربعينَ إلى ستِّينَ ففيها حِقَّةٌ طروقَةُ الجملِ، فإذا بلغَت واحدًا وستِّينَ إلى خمسٍ وسبعينَ ففيها جَذَعةٌ، فإذا بلغت ستًّا وسبعينَ إلى تسعينَ ففيها ابنتا لَبونٍ، فإذا بلغت إحدى وتسعينَ إلى عشرينَ ومائةٍ ففيها حقَّتانِ طَروقَتا الجملِ، فإذا زادت على عشرينَ ومائةٍ ففي كلِّ أربعينَ بنتُ لبونٍ، وفي كلِّ خمسينَ حقَّةٌ، وأنَّ بينَ أسنانِ الإبلِ في فريضةِ الصَّدقةِ من بلغَت عندَهُ من الإبلِ صدقةُ الجذعةِ وليست عندَهُ جَذعةٌ وعندَهُ حِقَّةٌ فإنَّها تُقبَلُ منهُ الحقَّةُ ويُجعَلُ معَها شاتينِ إن استيسرَ عليهِ أو عِشرينَ درهمًا، فإذا بلغَت عليهِ الحقَّةُ وليسَتْ عندَهُ حقَّةٌ وعندَهُ جَذَعةٌ فإنَّها تُقبَلُ منهُ الجذَعةُ ويُعطيهِ المصدِّقُ عِشرينَ درهمًا أو شاتَينِ) [ثابت].
و لا تجب الزكاة في هذه الأصناف إلا إذا بلغت النصاب
يختلف نصاب المال باختلاف نوع المال المزكى منه. تعني عبارة نصاب المال أن يبلغ المال الذي نملكه مقدرا معينا و قد يكون قد مضى عليه سنة كاملة، فإذا بلغ المال هذا المقدار فقد بلغ النصاب حسب ما حدده الدين الإسلامي و هنا تجب عليه الزكاة و إخراجها.
والنصاب من الذهب: خمسة وثمانون جراما 85جرام ، ومن الفضة: خمسمائة وخمسة وتسعون جراما 595جرام ، فإذا بلغت العملة قيمة النصاب أخرج منها ربع العشر وهو ما يساوي 2.5%،
والنصاب في العملات المحلية يكون بالنظر إلى قيمتها بالذهب أو الفضة. و بما أن قيمة جرام الذهب و الفضة تتغير من وقت لآخر فعلى المسلم أن يسأل التجار عن قيمة جرام من الذهب و الفضة.
وأسهل طريقة لمعرفة مقدار الزكاة الواجبة هي
أن يقسم المبلغ الذي يراد إخراج زكاته على أربعين 40 ، والناتج هو الزكاة الواجب إخراجها. فمثلا: إذا كان الشخص يملك مائة ألف ريال 100.000 وقد حال عليها الحول، فيأتي بالآلة الحاسبة، ويكتب مائة ألف 100.000 ، ثم يقسمها على أربعين 40 ، تخرج النتيجة: ألفان وخمسمائة 2.500 ، وهذا هو مقدار الزكاة الواجب إخراجه.
أما نصاب عروض التجارة فهو نصاب الذهب أو الفضة، فإذا بلغت قيمة العروض نصاب أحدهما وجبت فيها الزكاة. وطريقة إخراج زكاتها: أن تُقوم البضائع المعدة للبيع عند حلول وقت الزكاة بما تساويه في هذا الوقت ويضاف إليها السيولة الناتجة عنها، ثم يخرج منها ربع العشر %2.5.
و نصاب الخارج من الأرض من الحبوب والثمار هو خمسة أوسق وهي ثلاثمائة صاع نبوي، كما دل على ذلك حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة، وليس فيما دون خمس أواق من الورِق صدقة، وليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة” متفق عليه.
و قدر الزكاة الواجب إخراجها من الحبوب و الثمار إن سقيت بماء المطر أي: بغير كلفة ففيها العشر، وإن سقيت بكلفة ففيها نصف العشر، فعن جابر وابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: “ما سقت السماء ففيه العشر، وما سقي بنضح أو غرب فنصف العشر”. فيما يشترط لزكاة السائمة من بهيمة الأنعام أن تبلغ النصاب، وأقل النصاب في الإبل: خمس، وفي البقر: ثلاثون، وفي الغنم: أربعون.
مصارف الزكاة
يعتبر من أهل الزكاة كل الجهات التي تصرف فيها الزكاة و في هذه الفقرة سنتناول المستحقين لها، و وقد بينهم الله تعالى ووضح من تجب فيه الزكاة في قوله تعالى: “إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفى سبيل اللَّه وابن السبيل فريضة من اللَّه واللَّه عليم حكيم”، التوبة/60.
إذن فانطلاقا من الآية الكريمة فالمستحقين للزكاة هم:
– الفقير: من لا مال له ولا كسب.
– المسكين: من يجد كفايته بالكاد وقد لا تسد حاجته.
– العاملون عليها: وهم العمال القائمين على شأن الزكاة.
– المؤلفة قلوبهم: من دخل في الإسلام وكان في حاجة إلى تأليف قلبه لضعف إيمانه.
– فك الرقاب: عتق المسلم من مال الزكاة، عبدا كان أو أمة، ومن ذلك فك الأسرى.
– الغارمون: والغارم هو الذي تراكمت عليه الديون، فيأخذ من الزكاة ما يفي دينه.
– في سبيل الله : هم المجاهدون المتطوعون الذين يمنحون من أموال الزكاة بمقدار ما يكفيهم لجهادهم.
– ابن السبيل: المسافر الذي انقطعت به الأسباب عن بلده وماله، فيعطى ما يحتاجه من الزكاة حتى يصل إلى بلده.
و هناك أصناف من الناس لا يصح دفع الزكاة لهم و منهم:
– الكفار: فالفقير الملحد أو الكافر أو الفاجر لا يجوز أن ندفع له زكاة أموالنا ولا صدقاتنا ولا زكاة فطرنا.
– بنو هاشم: و هم آل النبي محمّد صلّى الله عليه وسلم وذلك لحديث عبدالمطلب بن ربيعة وفيه: “… إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس”، رواه مسلم.
– الأصول والفروع والزوجة الذين تجب نفقتهم عليه، فلا يجوز دفع الزكاة إلى من تجب على المسلم نفقتهم كالآباء والأمهات، والأجداد والجدات والأولاد وأولاد الأولاد، لأن دفع الزكاة إلى هؤلاء يغنيهم عن النفقة الواجبة عليه ويسقطها عنه، ومن ثَم يعود نفع الزكاة إليه.
– الأغنياء والأقوياء المكتسبون، لقوله صلَّى اللَّه عليه وسلم: “لا حظ فيها لغني، ولا لقوي مكتسب”.
– العبد: لا تدفع الزكاة إلى العبد، لأن مال العبد ملك لسيده، فإذا أعطي الزكاة انتقلت إلى ملك سيده، ولأن نفقته تلزم سيده.