مفهوم – لماذا جميع الكواكب دائرية الشكل ؟ لماذا تأخذ جميع الكواكب الشكل الدائري أو الكروي وليس الشكل الهرمي أو شكل مكعب أو أي شكل هندسي آخر ؟!
الجواب:
علمياً
كوّن بعقلك صورة تخيلية للتالي:
يتعلق الأمر بالجاذبية ومركز الطاقة المُكون للكوكب، يبدأ مجال الجاذبية من مركز الكوكب ويقوم بجذب كل شيء إليه منذ بداية تكون الكوكب، ومع كبر حجمه بمرور الوقت مع درجة حرارة المركز العالية بسبب تفاعل العناصر المشعة وغيرها يتعامل الكوكب من الداخل على أنه سائل وليس مادة صلبة كلياً.
وبالتالي تستسلم سيولة الكوكب لقوة الجاذبية المركزية فتلتف جميع عناصر ومكونات الكوكب حول المركز مكوّنة شكلاً دائرياً نظراً لأن الشكل الدائري أو الكروي هو الشكل الوحيد الذي يسمح لكل الأجزاء بالتقارب مع بعضها البعض نحو المركز لأقصى درجة ممكنة، وهو ماتفعله بالضبط قوة الجاذبية المركزية التي تحاول جذب جميع العناصر حولها بأقرب درجة ممكنة فيتكون الشكل الدائري تلقائياً.
إن كنت تشعر بالتعقيد دعني أوضح الأمر ببساطة شديدة:
تخيل وجودك مع عدد 20 شخص داخل حديقة الجامعة، وتريد فتح مجال للمناقشة في شيء ما أو التحدث إليهم جميعاً أو ربما اللعب.. ماهي الطريقة الأمثل لتجميع الـ 20 شخص حولك؟.. بحيث ينجذبوا جميعاً إليك بإنصات ونظام شديدين؟
الطريقة الأمثل لفعل ذلك هي تجميع الـ 20 شخص حولك في شكل دائرة بحيث تصبح أنت مركز الدائرة، سيصبح كل شخص بهذه الحالة في أقرب وضع ممكن إليك من أي شكل هندسي آخر .. جرّب وضعهم بشكل مربع، مستطيل، أو هرم ولاحظ اختلاف بُعد كل شخص عنك من الآخر.
نفس المفهوم ينطبق على تكوّن الكوكب بشكل دائري، يريد مركز الدائرة أن تصبح جميع مكونات الكوكب في أقرب وضع ممكن إليه، لذا يقوم المركز بالجذب في جميع الاتجاهات فيتكون الكوكب بشكل دائري رغماً عنه بفعل قوة الجاذبية المركزية ليصبح الكوكب برمته في أقرب وضعية ممكنة للمركز وجاذبيته مما يضمن الاستقرار له.
فيزيائياً
تحاول جميع الأشكال أو المجسمات التي تحتوى على طاقة هائلة وجاذبية إلى اتخاذ أصغر وضعية ممكنة للتقليل من طاقة الجهد «الكواكب كمثال»، فبالتالي يحاول المجسم جذب جميع عناصره إلى مركزه فيتكون في النهاية الشكل الدائري، نظراً لأن الدائرة هي الشكل الوحيد الذي سيظهر بالنهاية عند محاولة فرض قوة هائلة على أي شيء للانكماش او التقلص نحو المركز.
تجربة بسيطة:
قم بإحضار قطعة من العجين أو الصلصال وقم بفرض قوة يديك عليها ومحاولة تشكيلها بأصغر شكل ممكن والاستمرار في تقليص حجمها عن طريق ضغطها للداخل، استمر في عمل ذلك لبضع دقائق وانظر الى الشكل المتكون بالنهاية .. انه الشكل الدائري ! قم بتطبيق هذه التجربة على مايحدث عند تكون الكوكب بفعل طاقة المركز وستتضح الرؤية.
هل تشعر باختلاف الجاذبية في إفريقيا عنها في أمريكا؟!
إذا ذهبت إلى أي مكان على كوكب الأرض لن تختلف الجاذبية كثيراً، لن تطير مثلاً أو تقفز أو تسير بشكل أسرع أو أبطأ .. واحدة من الأجوبة لهذا الأمر هو الشكل الدائري أو الكروي للكوكب. قوة الجاذبية المركزية المؤثرة على سطح كوكب الأرض متساوية تماماً في أي مكان، هل تستطيع التخمين لماذا؟
الإجابة بالأعلى وباختصار شديد، لأن جميع النقاط على سطح كوكب الأرض “الكروي” منجذبة بشكل متساوي للمركز بسبب تساوي بعد كل نقطة عن المركز مع الأخرى، قس على ذلك أي كوكب آخر مع مراعاة اختلاف الجاذبية.
هندسياً
سأشرح الأمر من زاوية أخيرة، وهي الزاوية الهندسية .. الدائرة هي الشكل الهندسي الوحيد الذي يسمح لجميع الأجزاء بالتقارب مع بعضها البعض لأقصى حد ممكن، على خلاف أي شكل هندسي آخر كالمستطيل فزواياه غير ملائمة تماماً وتبتعد بشكل كبير عن المركز .. فالكرة هي الشكل الوحيد الذي يقلل مساحة أي حجم.
إذا قمت بقياس المسافة بين مركز الدائرة وأي نقطة على سطحها ستكون هي نفس المسافة بين المركز وأي نقطة أخرى على السطح.
لماذا لا تأخذ المذنبات والنيازك وبعض الأجسام الأخرى الشكل الدائري إذن؟!
إن كان كل ماسبق ينطبق على الكواكب في الفضاء، لماذا لا ينطبق أيضاً على النيازك والمذنبات وبعض الأجسام الأخرى المنتشرة في الفضاء؟
هذه الأجسام تتخذ عادة أشكالاً غير منتظمة، وذلك بسبب صلابتها الشديدة التي لا تستطيع قوة الجاذبية التغلب عليها كما هو الحال في الكواكب السائلة داخلياً إلى حد ما..
ولكن يبقى تساؤل آخر لماذا تتغلب الجاذبية المركزية للكواكب على صلابة مكونات الكوكب وتحويلها الى مادة سائلة أو لينة ليسهل جذبها وتقليصها في حين لا تستطيع جاذبية النيازك والمذنبات ذلك؟!
الإجابة: لتستطيع قوة الجاذبية التغلب على صلابة المجسم يجب أن يصل هذا المجسم إلى حجم معين “حجم كبير نسبياً”، لأن قوة الجاذبية تزيد بشكل هائل مع زيادة الوزن مما سيكون لها تأثير أقوى بمراحل من درجة صلابة المجسم فتستطيع تشكيله كما يحلو لها، وهو الحال في الكواكب.
أما النيازك والمذنبات صغيرة جداً مقارنة بالكواكب حتى تستطيع جاذبيتها الضعيفة التغلب على صلابتها وجذب عناصرها نحو المركز لاتخاذ الشكل الدائري.