مفهوم – يعتبر علم النحو من أكثر العلوم أهمية في لغتنا العربية، وقد تم وضعه بالأساس حتى يتم فهم القرآن الكريم بصورة صحيحة، فإن تشكيل الكلمات ومحلها من الإعراب يغير من المعنى الكثير، خصوصا لأن اللغات الأخرى الأعجمية قد تسببت في إفساد اللغة إلى حد ما، لذا فإن علم النحو أتى بقواعده ليصحح تلك الأخطاء .
أبو الأسود الدؤلي
هو ظالم بن عمرو بن سفيان بن جندل بن يعمر بن حلس ابن نفاثة بن عدي بن الدئل بن بكر بن عبد مناة، الملقب بأبي الأسود الدؤلي، ولد حسب اتفاق رأي العلماء قبل هجرةالرسول صلى الله عليه وسلمبـ 16 عام، ويعد أبو الأسود الدؤلي من السادات والأشراف الفقهاء الأذكياء، وهو من شكل أحرف المصحف، ووضع علم النحو، وصاحب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وتولى في خلافته إمارة البصرة، وحارب معه الخوارج، وحضر معه موقعة صفين والجمل .
نشأته
ولد أبو الأسود الدؤلي في الجاهلية قبل نزول الإسلام، وحسب اتفاق العلماء وترجيحهم أنه قد ولد في اليمن، دخل الإسلام غالبا بعد فتح مكة، ولم يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم قط، وقد انتقل إلى مكة المكرمة والمدينة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، ويقال أن لأبا الأسود الدولي ولدان هما عطاء وأبو حرب، كما يقال أنه كان له بنات أيضا .
وقد حضر أبو الأسود الدؤلي الخليفة عمر بن الخطاب، وأخذ يروي الأحاديث عنه وعن علي بن أبي طالب، وأبو ذر الغفاري، وعبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب، وعبد الله بن عباس، والزبير بن العوام، ومعاذ بن جبل، وأبو موسى الأشعري، وعمران بن حصين، وقد قرأ القرآن الكريم في حضور عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين .
وفي خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه هاجر أبو الأسود الدؤلي إلى البصرة، وعاش بها، وله هناك مسجد يحمل اسمه، ويقال أنه تعرض للأذى في البصرة لأنه كان يجب علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقد كان له دار بجوار جار له يقوم بأذيته، فقام ببيع الدار، فقال له الناس أبعت دارك ؟ قال لا بل بعت جاري .
حياته العلمية
1- كان أبي الأسود الدؤلي إنسان مثقف، صاحب فكر، وهذا بحسب ما قاله المؤرخين، وبحسب ما تركه لنا من أعمال تدل على ذلك .
2- تعلم أبو الأسود الدؤلي وثقف نفسه أكثر في عدة مجالات، خصوصا تلك المجالات المرتبطة بالشريعة الإسلامية، كالقرآن الكريم والفقه والأحاديث، وكذلك اللغة والنحو والأدب .
3- تتلمذ أبو الأسود الدؤلي على يد أفضل العلماء، وهم آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم، ويشاع عن المؤرخين أن أبا الأسود الدؤلي كان شيعيا، لذا فقد كان اتصاله بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب كبيرة وعميق، وروى عنه الكثير وكذلك عن أبنائه الحسن والحسين رضي الله عنهم جميعا .
4- شارك أبو الأسود الدؤلي كذلك في الحياة السياسية بجانب تلك الحياة الثقافية، وساعده على ذلك رجاحة عقله، وذكائه، وفقاهته وحسن تدبيره، لذا فقد تم إسناد بعض المهام إليه، لقدرته على معالجة الأمور والقضايا .
5- وضع أبو الأسود الدؤلي علم النحو، لذا فقد لقب بملك النحو، وقد وضع فيها باب الفاعل، وباب المفعول، وحروف النصب والرفع والجر والجزم، والمضاف .
6- كان أبو الأسود الدؤلي كذلك شاعرا، وله قصائد عديدة، نذكر منها بعض الأبيات :
أ- لا ترسلن مقالة مشهورة، لا تستطيع إذا مضت إدراكها … لا تبدين نميمة نبئته، وتحفظن من الذي أنبأكها .
ب- لا تنه عن خلق وتأت بمثله، عار عليك إذا فعلت عظيم .
ج- أفنى الشباب الذي افنيت جدته، كر الجديدين من آت ومنطلق
لم يتركا لي في طول اختلافهما شيئا أخاف عليه لذعة الحـدق .
7- تتلمذ على يد أبا الأسود الدؤلي عدد من العلماء منهم : رامي الأسدي، يحيى بن يعمر العدواني، ميمون بن الأقرن، سعد الرابية، أبي حرب الدؤلي، نصر بن عاصم الليثي الكناني، عمر بن عبد الله مولى عفيرة، عنبسة بن معدان الفيل المهري .
من أعمال أبو الأسود الدؤليّ
تميّز أبو الأسود الدؤليّ بأعماله، وهي كالآتي:
أسس قواعد اللغة العربيّة؛ حيث خاف على الناس من الوقوع في اللحن والغلْط في قواعد العربيّة، ولهذا كان أول من وضع قواعدها، وأنهج سبلها، ووضع أقيستها. وضع باب الفاعل، وباب حروف الجر، وباب المضاف، وباب النصب، وباب الجرّ.
وضع الحركات والتنوين على الجمل.
تولّى إمارة البصرة في عهد علي رضي الله عنه، وشهد مع علي موقعة صفين.
كتب العديد من الأشعار، ووضعت أشهاره في دواوين شعرية خاصة.
وضع طريقة خاصة لضبط كلمات المصحف الشريف؛ حيث استخدم فكرة الألوان المُخالفة، ووضع نقطة فوق الحرف ليدل على الفتحة، ونقطة تحته ليدل على الكسرة، ونقطة على يسار الحرف للدلالة على الضمة، ونقطتين فوق الحرف، أو على يساره للدلالة على التنوين، أمّأ بالنسبة للحرف الساكن فتركه دون أيّ نقاط، وفي تلك الفترة لم يُستعمل هذا الضبط إلّا في القرآن.
وفاته
أصيب أبو الأسود الدؤلي في أواخر حياته بالشلل النصفي ( الفالج )، وقد توفي على حسب آراء العلماء واتفاقهم عام 69 هــ، عن عمر يناهز الـ 85 عاما، وقد توفي في طاعون الجارف في البصرة بالعراق وكانت وقتها تحت خلافة عبد الملك بن مروان.