مفهوم – إذا مات المسلم فإنه ينبغي على من عنده عدة أشياء:
– أن يغمضوا عينيه،لأنه صلى الله عليه وسلم أغمض عيني أبي سلمة رضي الله عنه وقال”عابس إن الروح إذا قُبض تبعه البصر).
– أن يغطوه بثوب يستر جميع بدنه.
– أن يعجلوا بتجهيزه والصلاة عليه ودفنه.
خطوات التغسيل
أولًا: إذا بدأ المُغسِّل بالتغسيل ستر عورة الميت، وجرَّده من ثيابه، وستره عن أعين الناس.
وستر العورة (واجب)، قال ابن قدامة رحمه الله: “بلا خلاف”.
فيستر ما بين السُّرَّة والركبة بقماش ونحوه، ثم يُجرِّده من ثيابه.
ثانيًا: يلفُّ الغاسل على يده خرقة، أو يلبس قُفازين، ويُنجي الميت، فيغسل فَرْجه ويُنقيه بالماء، ولا يَحل له أن يَمَس عورته بلا حائل، إذا كان له أكثر من سبع سنوات.
ثالثًا: ثم ينوي التغسيل، فيبدأ بالتسمية، ثم يوضِّئ الميت كوضوء الصلاة.
ويدل على ذلك حديث أم عطية وتغسيلها ومَن معها رضي الله عنهنَّ لزينب بنت النَّبي صلى الله عليه وسلم، قال النَّبي صلى الله عليه وسلم لهن: ((ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا، وَمَوَاضِعِ الوضوءِ مِنْهَا)).
♦ وصفة ذلك أن يأخذ الغاسل خرقة مبلولة يجعلها على أصبعيه، ويدخل أصبعيه في فمه، ويمسح أسنانه برفق، وكذلك يمسح أنفه بأن يدخل أصبعيه في منخريه، وينظِّفهما برفق، ثم يغسل وجهه ويتم الوضوء كما هو معروف.
وفي الوضوء عند تنظيف فمه وأنفه، يَحرِص على ألا يدخل في فم الميت ولا أنفه ماءً؛ لئلا يُحرِّك نجاسة ساكنة، أو يخرج شيئًا عند التكفين.
رابعًا: ثم يَشرع في غسل الميت، وغسل الميت يكون كما يلي:
1- يُغسل رأسه برغوة السدر أو الصابون؛ لحديث أم عطية – رضي الله عنها – عليه، وفيه: قال النَّبيُّ – صلى الله عليه وسلم -: ((اغْسِلْنَهَا بِمَاءٍ وَسِدْرٍ))، وحديث ابن عباس – رضي الله عنهما – في الرجل الذي وقصته راحلته بعرفة فمات، قال النَّبي – صلى الله عليه وسلم -: ((اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ))
2- ثم يغسل شقه الأيمن، ثم الأيسر، ثم جميع بدنه بالماء.
وغسل الشق الأيمن يكون بغسل وجهه وما يليه من الجهة اليمنى، وكذلك جهة الجسم اليمنى وقدمه اليمنى، وإذا أراد أن يغسل الجهة اليمنى من الأسفل، فإنه يرفع الميت من الجهة اليمنى، فيقلبه على جنبه الأيسر، فيغسل شقه الأيمن من الأسفل الظهر والإليتين، وأسفل القدم اليمنى، وغسل الشق الأيسر يكون بنفس طريقة غسل الشق الأيمن، والبدء بالشق الأيمن سُنَّة ثابتة، ويدل على ذلك: حديث أم عطية المتقدِّم – رضي الله عنها – وفيه: ((ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا، وَمَوَاضِعِ الوضُوءِ مِنْهَا)).
ثم يغسل جميع بدنه بالماء، وهذه الغسلة هي التي تذهب ما تَعلَّق بالجسد من السدر ونحوه من المنظفات إن استعمله، فما أعظمها من عبرة وأنت تُقَلَّبُ في مغسلة الأموات، بعدما كنت حيًّا تُقَلِّبُ جسدك حيث تشاء.
♦ الواجب غسلة واحدة، ويُسَنَّ ثلاثًا.
فيُفعل ما تقدَّم من غسله بالسِّدر، والماء، والبدء بالشِّق الأيمن، ثم الأيسر، ثم يفيض على سائر جسده، كل ذلك ثلاث مرات، وأمَّا الوضوء فلا يُكرَّر، ويدلُّ على ذلك: حديث أم عطية – رضي الله عنها – المتقدِّم، وفيه: ((اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ سَبْعًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ))
والأفضل قطع الغسل على الوتر؛ كما جاء في الحديث: ((ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ سَبْعًا))، وكذلك إن زاد قطَعَها على وتر، وهو اختيار شيخنا ابن عثيمين – رحمه الله
وأمَّا إذا حصل الإنقاء بثلاث غسلات، فإنها لا تُشْرَع الزيادة عليها؛ لأن الزيادة راجعة للمصلحة التي يقدِّرُها الغاسل؛ حيث قال النَّبيُّ – صلى الله عليه وسلم -: ((إِنْ رَأَيْتُنَّ))، ولأنه حصل المقصود، وهو التطهير.
♦ يجعل في الغسلة الأخيرة كافورًا.
والكافور نوع من الطيب أبيض يُدَقُّ ويُجْعَل في الإناء الذي يغسل به آخر غسلة، وجعله في الغسلة الأخيرة سُنَّة ثابتة، ويدلُّ على ذلك حديث أم عطية – رضي الله عنها – المتقدِّم، وفيه: ((وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ)).
وذكر الشوكاني – رحمه الله – من الحِكَم التي في الكافور: “تبريد وقوة نفوذه، وخاصة في تصلُّب بدن الميت، وطرد الهوام عنه، وردع ما يتحلل من الفضلات، وإسراع الفساد إليه، وإذا عدم قام غيره مقامه مما فيه هذه الخواص أو بعضها”
3- ثم يُنشف الميِّت بثوب ونحوه، ويُقص شاربه، وتُقلم أظفاره، ويؤخذ شعر إبطيه، وهذه تفعل إن كانت طويلة طولًا فاحشًا وإلاَّ فَلا.
♦ المرأة يُضْفَر شعرها ثلاثة قرون، ويُسدل وراءها، وضفر الشَّعر: إدخال بعضه في بعض، وثلاثة قرون؛ أي: ضفائر، وهذه سُنَّة ثابتة، ويدل على ذلك حديث أم عطية – رضي الله عنها – المتقدِّم: ((أَنَّهُنَّ جَعَلْنَ رَأْسَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ثَلَاثَةَ قُرُونٍ))
4- وبعد ذلك تلبس أيها الميت ملابس لم تعهدها من قبلُ، وبطريقة تختلف عما كنت تعتاده، فهي ملابس لا تختارها، ولا تستطيع أن تلبسها بنفسك، كيف وقد ودَّعت دنياك الفانية إلى أُخْراك الباقية؟!
الصفات الواجب توفرها في الشخص المغسل:
فقد قال الفقهاء: ينبغي أن يكون الغاسل ثقة أمينا، عارفاً بأحكام الغسل.
ولا يجوز له إذا رأى من الميت شيئاً مما يكره أن يذكره إلا لمصلحة، وإن رأى حسنا من أمارات الخير مثل وضاءة الوجه ونحو ذلك، فيستحب له إظهاره، ليكثر الترحم عليه، والرغبة في الاقتداء به.
إلا إذا كان الميت مبتدعاً ورأى على وجهه مكروها سواداً أو ظلمة، فإنه ينبغي أن يبين ذلك حتى يحذر الناس من دعوته ومنهجه.
وأولى الناس بغسل الميت وصُّيه ثم أبوه ثم جده ثم الأقرب فالأقرب من عصباته. وكذلك الأنثى أولى الناس بها وصيتها ثم القربى فالقربى من نسائها.
ولكل من الزوجين غسل صاحبه، ولرجل وامرأة غسل من له سبع سنين، لأنه لا حكم لعورته.
وأما كيفية تكفين الميت:
فيستحب تكفين الرجل في ثلاث لفائف بيض، تجمّر، ثم تبسط بعضها فوق بعض، ويجعل الحنوط فيما بينها، ثم يوضع الميت عليها مستلقياً، ويجعل شيء من الحنوط في قطن ثم يوضع بين إليتيه، ويشد فوقها خرقة مشقوقة الطرف كالتبان – السروال القصير – تجمع إليتيه ومثانته، ويجعل الباقي على منافذ وجهه، ومواضع سجوده، وإن طيب كله فحسن.
ثم يرد طرف اللفافة العليا على شقه الأيمن، ويرد طرفها الآخر من فوقه، ثم الثانية والثالثة كذلك، ويجعل أكثر الفاضل عند رأسه، ثم يعقده، وتحل في القبر.
وإن كفن في قميص ومئزر ولفافة جاز.
وتكفن المرأة في خمسة أثواب: إزار وخمار وقميص ولفافتين.
والقدر الواجب هو ثوب يستر جميع الميت. والله أعلم.