مفهوم – هل ينتابك شعور بالتعب وضيق في التنفس؟ وهل تشعر بأن ضربات قلبك قوية داخل صدرك؟ هل قال لك أصدقاؤك إنك تبدو شاحبا بطريقة غير معتادة؟
إن حدث معك كل هذا فاعلم أنك ربما تعاني من الأنيميا بسبب نقص عنصر الحديد في الجسم، وهو أكثر الأمراض الشائعة في العالم بسبب سوء التغذية.
ويشيع ذلك على وجه الخصوص بين الفتيات.
وأشارت دراسة أجرتها اللجنة الاستشارية العلمية للغذاء في بريطانيا، تناولت عنصر الحديد والصحة في عام 2011، إلى أن 21 في المائة من السيدات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 19 و 34 عاما يعانين من مستويات أقل من الحد الأدنى الموصى به لبروتين “الفيريتين”، (المسؤول عن التحكم في تخزين وإطلاق عنصر الحديد في الجسم).
وكنتُ قد اقترحتُ على صديقة تعاني من هذه الأعراض أنها ربما تحتاج لاستشارة طبيبها. وأظهرت تحاليل الدم أنها تعاني من الأنيميا، واندهش الطبيب من أنها مازال تصعد السلم حتى الآن، وكانت بعض أقراص الحديد كفيلة بمعالجة المشكلة.
وإن كنت تفكر في تناول الأقراص فينبغي عليك استشارة الطبيب، لأنه ربما لم تكن بحاجة إليها وربما كان سبب الأعراض التي تعاني منها ناتجا عن شيء آخر.
من أين تحصل على الحديد اللازم للجسم؟
أجسامنا لا تستطيع أن تنتج الحديد، لذا يتعين عليك أن تحصل عليه من مصدر غذائك، سواء عن طريق الأغذية الذي تحتوي بطبيعتها على الحديد أو عن طريق الأغذية المضاف إليها الحديد مثل الخبز الأبيض و حبوب الإفطار.
وتكمن المشكلة في أن كل هذا الحديد ليس في هيئة تسمح بامتصاصه بالفعل.
وطلب برنامج “ثق بي فأنا طبيب” لبي بي سي من عالم التغذية بول شاريب، من كلية كينغز كوليدج لندن، أن يحدد الأغذية التي ينبغي تناولها لزيادة مستويات الحديد على نحو طبيعي.
وقال إن اللحوم الحمراء غنية على نحو خاص بالحديد الذي يسهل امتصاصه، لكن في هذه الأيام يقلل كثيرون من استهلاكهم للحوم الحمراء أو منع تناولها.
كما توجد مصادر جيدة للحديد في الخضراوات ذات الأوراق الخضراء الداكنة، مثل الكرنب والسبانخ والبازلاء والعدس. وتكمن المشكلة في أن الجسم لا يمتص كما كبيرا من الحديد من المصادر النباتية مقارنة باللحوم الحمراء.
ويمكن الحصول على الحديد أيضا من الخبز المضاف إليه الحديد أو حبوب الإفطار، على الرغم من أنها أيضا أقل في معدلات الامتصاص.
فنجان القهوة
كيف تجهز طعامك؟ وما هي المشروبات التي يمكن أن تغير كمية الحديد التي يمتصها الجسم؟
أجرى العالم شاريب بعض التجارب لمحاكاة عملية الهضم عند الإنسان.
وكانت التجربة محاكية لتأثير الإنزيمات الموجودة في الغذاء المهضوم والتفاعل الكيميائي الذي يحدث في خلايا الأمعاء في الإنسان لمعرفة كمية الحديد.
وأظهر شاريب أنه في حالة تناول عصير برتقال مع حبوب إفطار أضيف إليها الحديد، يمكنك امتصاص كمية كبيرة من الحديد مقارنة بتناول الحبوب بمفردها، لأن عصير البرتقال يحتوي على فيتامين سي، الذي يجعل من السهل امتصاص الحديد في الطعام.
بيد أنه للأسف إذا تناولت القهوة مع وجبة حبوب الإفطار صباحا، فذلك يعني أن عملية امتصاص الحديد ستكون أقل بكثير.
لماذا؟ يقول شاريب إن ذلك يرجع إلى أن القهوة غنية بالمواد الكيميائية التي يُطلق عليها اسم “بوليفينول” وهي تعلق بفعالية شديدة بعنصر الحديد في الجسم وتجعله أقل من حيث معدلات الذوبان.
لذا إن كانت حبوب الإفطار هي المفضلة بالنسبة لك، فتناول كوب صغير من عصير البرتقال أو ثمرة برتقالة يساعد في زيادة امتصاص الحديد. وقد ترغب أيضا في تأجيل تناول فنجان القهوة الصباحي لمدة تصل إلى 30 دقيقة على الأقل بعد تناول الإفطار.
لكن ماذا إن كنت ترغب في الحصول على الحديد من مصادر طبيعية؟
يعتبر الملفوف النيء مصدرا جيدا للحديد، لكن طهيه على البخار يقلل كمية الحديد المتاحة كما أن الغليان يقلل الحديد أكثر.
ويرجع السبب في ذلك إلى أن الملفوف مثل البرتقال غني بفيتامين سي، وعندما يتعرض للغليان، يذوب فيتامين سي في مياه الطهي.
لذا إن كنت ترغب في الحصول على أقصى حد من المواد الغذائية من الملفوف، فعليك أن تتناوله نيئا.
وينطبق نفس الشيء على الخضراوات الأخرى التي تحتوي على الحديد وفيتامين سي، مثل الكرنب والقنبيط.
بيد أن الأمر يختلف كليا بالنسبة للسبانخ. فقد وجدنا أن غلي السبانخ، يفقدها بالفعل 55 في المئة من الحديد “الحيوي” مقارنة بتناولها نيئة.
وقال شاريب :”تحتوي السبانخ على مركبات يطلق عليها (أوكزالات) وهي تجذب الحديد أساسا”.
وأخيرا ماذا عن الخبز؟
وجدنا أن أفضل خبز يحتوي على عنصر الحديد هو الخبز المصنوع من العجين المتخمر. لأن القمح يحتوي على مادة كيميائية يطلق عليها اسم حمض “الفيتيك” الذي يقلل عملية امتصاص الحديد بالجسم.
وتؤدي عملية التخمير، في صناعة الخبز، إلى تكسير حمض “الفيتيك” بحيث يصبح الحديد المتبقي متاحا للامتصاص.