الفرق بين السنن الرواتب و النوافل وبيانها

مفهوم – الرواتب  هي السنن المؤكدة التي ترتبط بالصلوات المفروضة ، سواء كانت قبلية أم بعدية ، وهي التي ورد ذكرها في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه(من ثابر على ثنتي عشرة ركعة من السنَّة بنى الله له بيتا في الجنة أربع ركعات قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل الفجر ) رواه الترمذي 379 وغيره وهو في صحيح الجامع 6183 .

وكل النوافل الرباعية السابقة تصلى مثنى مثنى عند الشافعي وأحمد .

والنوافل ما عدا الصلوات المفروضة وسننها الراتبة القبلية والبعدية ، كقيام الليل ، وصلاة الضحى ، وصلاة الحاجة ، وصلاة الاستخارة..وغير ذلك ، فهي نافلة أي زائدة عن المطلوب الذي يكون فرضا أو سنة.

ولكن قد يطلق أحيانا على الرواتب 🙁 نوافل ) ، ويقصد حينئذ أنها ما زاد على الفرض ، فتشمل النوافل حينئذ الرواتب وما عداها من غير الفريضة.
كما تطلق ( النوافل ) على ما سوى الفرض من العبادات الأخرى غير الصلاة ، مثل الصيام ، والحج ، والصدقة …وغير ذلك مما ليس بواجب ولا مفروض.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :

أما الرواتب فهو جمع راتبة من رتب الشيء رتوبا ، أي : استقر ودام فهو راتب ، وسميت السنن الرواتب بذلك لمشروعية المواظبة عليها . قال الشافعية : السنن الرواتب هي : السنن التابعة لغيرها ، أو التي تتوقف على غيرها أو على ما له وقت معين كالعيدين والضحى والتراويح . ويطلقها الفقهاء على الصلوات المسنونة قبل الفرائض وبعدها ; لأنها لا يشرع أداؤها وحدها بدون تلك الفرائض . ولم يقصر الشافعية السنن الرواتب على الصلاة فقد صرحوا بأن للصوم سننا رواتب كصيام ستٍّ من شوال .

والنوافل جمع نافلة ، والنافلة لغة : ما زاد على النصيب المقدر ، أو الحق أو الفرض ، أو ما يعطيه الإمام للمجاهد زيادة عن سهمه . والنافلة أعم من السنة ; لأنها تنقسم : إلى معينة ، ومنها السنن الرواتب ، ومطلقة كصلاة الليل .

الحكم التكليفي لأداء السنن الرواتب :

يرى جمهور الفقهاء استحباب المواظبة على السنن الرواتب .

وذهب مالك في المشهور عنه : إلى أنه لا توقيت في ذلك حماية للفرائض ، لكن لا يمنع من تطوع بما شاء إذا أمن ذلك .

وصرح الحنفية : أن تارك السنن الرواتب يستوجب إساءة وكراهية ، وفسر بعضهم الإساءة بالتضليل واللوم ، وقال بعضهم : الإساءة دون الكراهة . وقال بعضهم: الإساءة أفحش من الكراهة ، وقال بعضهم : ترك السنة المؤكدة قريب من الحرام .

وقال الحنابلة بكراهة ترك الرواتب بلا عذر .
هذا في الحضر والإقامة .

وأما في السفر :

فيرى جمهور الفقهاء : استحباب صلاة السنن الرواتب أيضا لكنها في الحضر آكد .
واستدلوا بما روي أن { النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي النوافل على راحلته في السفر حيث توجهت به } ، وبحديث أبي قتادة أنهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فناموا عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس ، فساروا حتى ارتفعت الشمس ، ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوضأ ، ثم أذن بلال بالصلاة فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ، ثم صلى الغداة فصنع كما كان يصنع كل يوم } .

وجوز بعض الحنفية للمسافر ترك السنن ، والمختار عندهم أنه لا يأتي بها في حال الخوف ، ويأتي بها في حال القرار والأمن .

وعند الحنابلة يخير المسافر بين فعل الرواتب ، وتركها إلا في سنة الفجر والوتر فيحافظ عليهما سفرا وحضرا .

وقالت طائفة : لا يصلي الرواتب في السفر وهو مذهب ابن عمر ثبت عنه في الصحيحين ، قال حفص بن عاصم : صحبت ابن عمر في طريق مكة فصلى لنا الظهر ركعتين ثم أقبل وأقبلنا معه حتى جاء رحله وجلس وجلسنا معه فحانت منه التفاتة نحوـ تجاه ـ حيث صلى ، فرأى ناسا قياما فقال : ما يصنع هؤلاء ؟ قلت : يسبحون . قال : لو كنت مسبحا لأتممت صلاتي ، يا ابن أخي { إني صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله } ، وصحبت أبا بكر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله ، وصحبت عمر فلم يزد على ركعتين ، حتى قبضه الله ، ثم صحبت عثمان فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله ، وقد قال الله تعالى : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } .

وفيما يلي تفصيل بهذه بالسنن :

أولا: السنن المؤكدة وهي كما يلي:

1) ركعتان قبل صلاة الفجر، وهما آكد السنن؛ لحديث: رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. رواه مسلم، ولحديث عائشة رضي الله عنها قالت: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أَشَدَّ تَعَاهُدًا، مِنْهُ عَلَى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
2) أربع ركعات قبل صلاة الظهر؛ لحديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان لا يدع أربعاً قبل الظهر … والحديث رواه البخاري.
3) ركعتان بعد الظهر – ويندب أن يضم لهما ركعتين – لقوله صلّى الله عليه وسلم: من صلى أربع رَكَعات قبل الظهر، وأربعاً بعدها، حرَّمه الله على النار. رواه الخمسة عن أم حبيبة، وصححه الترمذي.
4) ركعتان بعد المغرب.
5) ركعتان بعد العشاء.

والدليل على تأكد هذه السنن قوله صلّى الله عليه وسلم: من صلَّى في يوم وليلة ثِنْتَي عشرة ركعة سوى المكتوبة، بنى الله له بيتاً في الجنة. ولفظ مسلم: من صلى ثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة، بُني له بهن بيت في الجنة. ورواية الترمذي: من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة، بني له بيت في الجنة: أربعاً قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل صلاة الفجر.
6) صلاة التراويح: التراويح سنة مؤكدة للرجال، والنساء؛ لمواظبة النبي صلّى الله عليه وسلم، والخلفاء الراشدين عليها، ويسن فيها الجماعة، بدليل أن النبي صلّى الله عليه وسلم صلاها جماعة في رمضان في ليالي الثالث، والخامس، والسابع والعشرين، ثم لم يتابع خشية أن تفرض على المسلمين.

7) صلاة الخسوف: قال في المبدع: هِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، حَكَاهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ، وَالنَّوَوِيُّ إِجْمَاعًا؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لَا يُخْسَفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَصَلُّوا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَأَمَرَ بِالصَّلَاةِ لَهُمَا أَمْرًا وَاحِدًا، وَرَوَى أَحْمَدُ مَعْنَاهُ، وَلَفْظُهُ: فَافْزَعُوا إِلَى الْمَسَاجِدِ. اهـ. وهي أيضا من ذوات الأسباب.

8 ) صلاة الاستسقاء: لحديث ابن عباس في الاستسقاء: فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدَيْنِ. رواه أصحاب السنن. وهي سنة مؤكدة، وأيضا من ذوات الأسباب؛ لأنها تشرع بسبب القحط.

ثانيا: السنن غير المؤكدة. ومنها:

1) ركعتان أخريان إلى سنة الظهر البعدية، كما بينا .
2) أربع ركعات قبل العصر؛ لقوله صلّى الله عليه وسلم: رحم الله امرأ صلى أربعاً قبل العصر. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه، وابن خزيمة وصححه.
3) ركعتان خفيفتان قبل المغرب؛ لخبر الصحيحين عن عبد الله المزني: صلوا ركعتين قبل المغرب. ثم قال في الثالثة: (لمن شاء) .
4) صلاة الضحى – وبعض الفقهاء يجعلها من السنن المؤكدة – وهي أربع ركعات على الصحيح إلى ثمانية، وأقلها ركعتان، ووقتها من بعد طلوع الشمس قدر رمح، أي حوالي ثلث، أو نصف ساعة إلى قبيل الزوال؛ لحديث عائشة: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربع ركعات، لا يفصل بينهن بكلام. ورواية مسلم: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعاً، ويزيد ما شاء الله.
وصلاة الضحى معدودة أيضا عند الفقهاء في ذوات الأسباب؛ لأنها بسبب دخول وقت الضحى. وضابط ذوات الأسباب: هو كل صلاة متعلقة بسبب. كما جاء في موسوعة الفقه الإسلامي.

5 ) ركعتان قبل العشاء بعد أذانها؛ لحديث: بين كل أذانين صلاة.

جاء في حاشية البجيرمي وهو يعد السنن غير المؤكدة: وَرَكْعَتَانِ قَبْلَ الْعِشَاءِ؛ لِخَبَرِ{ بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ } وَالْمُرَادُ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ. اهــ.

ثالثا: ذوات الأسباب: وهي كل صلاة متعلقة بسبب. ومنها:

1) تحية المسجد؛ لحديث: إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ، فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ. متفق عليه.
2) ركعتا الوضوء؛ لحديث: مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، يُقْبِلُ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ، وَوَجْهِهِ، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ. رواه أحمد وأبو داود والنسائي واللفظ له.
3) ركعتا الطواف – على خلاف بين الفقهاء في وجوبها أو استحبابها – وتصليان بعد الطواف اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.
4) صلاة الاستخارة: لحديث: إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ… ” الحديث، رواه البخاري وغيره.
5) ركعتا الإحرام: تصليان قبل الإحرام؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى ركعتين في ذي الحليفة، وقال: أتاني آت من ربي فقال: صل في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجة. رواه البخاري. على خلاف بين الفقهاء في كونهما سنة لكل إحرام، أم إنها تشرع في ذي الحليفة خاصة لبركة المكان.
6) ركعتان عند القتل -إنْ أَمْكَنَ- لِقِصَّةِ خُبَيْبِ الْمَشْهُورَةِ فِي الصَّحِيحَيْنِ أنه لما هم كفار قريش بقتله، صلى ركعتين قبل أن يقتل، فكان أول من سن صلاة ركعتين عند القتل.
7) ركعتا التوبة. فيسن لمن أذنب أن يصلي ركعتين؛ لحديث: لَيْسَ عَبْدٌ يُذْنِبُ ذَنْبًا، فَيَقُومُ فَيَتَوَضَّأَ، وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إلَّا غَفَرَ لَهُ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ.

والله أعلم.

شاركها

اترك تعليقاً