حكم الأضحية وشروطها وطريقة تقسيمها

مفهوم – الأضحية تعتبر الأضحية من الشعائر عند المسلمين، بحيث تُذبح الأضاحي بعد صلاة عيد الأضحى المبارك، ويستمر ذلك إلى آخر يومٍ من أيّام العيد، وشُرعت الأضحية تكريماً لنبي الله إبراهيم وابنه اسماعيل -عليهما السلام- بعد أن أمر الله إبراهيم بذبح ابنه الذي رُزق به على كِبر، فامتثل الابن والأب لأمر الله طائعَين، حينها فدى الله إسماعيل بكبشٍ وأمر إبراهيم بذبحه بدلاً عن إسماعيل، وأقرَّت السنة النبوية تلك الشعيرة وجعلتها مما يتقرب به المسلم من ربه تخليداً لتلك الحادثة، فما حكم أضحية العيد؟ وهل اختلف الفقهاء فيها؟ وما هو وقتها؟ ذلك ما ستبحثه هذه المقالة.

تعريف الأضحية

الأضحية شعيرة أهل الإسلام تذبح أيام عيد الأضحى من بعد صلاة العيد إلى أخر ساعة من نهار آخر أيام التشريق، وينتهي وقتها بمغيب شمس يوم الثالث عشر من ذي الحجة، وهي سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده وبها أمر رب العالمين حين قال (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (الكوثر: 2)، أي انحر البدن والأضاحي قربة لله، كما قال قتادة وسعيد بن جبير وصححه ابن كثير فهي قربة يتقرب بها إلى الله عز وجل رجاء ثوابه وحصول موعوده مع كونه تعالى غني عنها، قال عز وجل (لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ) (الحج: 37).

حكم الأضحية

مع أن الفقهاء قد اتفقوا على مشروعيّة الأضحية إلا أنهم اختلفوا في حكم الأُضحية فيرى فريقٌ استحبابها، بينما ذهب فريقٌ من الفقهاء إلى أنها مفروضةٌ واجبة، وفيما يلي بيان ما ذهب إليه الفقهاء في حكم الأضحية:

يرى الجمهور الشافعيّة والحنابلة والمالكية في الراجح عندهم؛ أنّ الأُضحية تُعتبر سنّةً مُؤكّدة ينبغي القيام بها للقادر عليها، إلا أنها غير واجبة، ودليلهم فيما ذهبوا إليه هو ما روي عن النبي -عليه الصّلاة والسّلام- حيث قال: (إذا دخلتِ العَشْرُ وأراد أحدكم أن يُضحِّيَ فلا يَمَسَّ من شعرِه وبشرِه شيئًا)،فهم يرون أنّ الإرادة التي جاء ذكرها في الحديث إنما تدلُّ على تخيير المسلم بين فعل الأضحية أو تركها، فلو كانت الأضحية واجبةً لما ورد التخيير فيها بين الفعل والترك، بل لجاء الأمر جازماً بالفعل، وحيث لم يرد ذلك تكون مسنونةً لا واجبة.

يرى الإمام أبو حنيفة أن الأضحية واجبةٌ على كل قادرٍ عليها، وقد رُوي عن الإمام أحمد بن حنبل الأخذ بذلك الرأي، كما يرى ابن تيمية ما يراه أصحاب هذا الفريق من وجوب الأضحية، وقد استدلَّ أبو حنيفة ومن وافقه على رأيهم بقول الله سبحانه وتعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَر).

كيفية تقسيم الأضحية

من السنة أن يأكل المُضحّي من لحم أُضحيته، فينبغي عليه أن يوزّع قسماً منها للفقراء والمساكين، ويدع منها قسماً لأهل بيته، وذلك لقول الله تبارك وتعالى: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ)،كما ثبت أن النبي -عليه الصّلاة والسّلام- قال: (إذا ضَحَّى أحدُكم فَلْيَأْكُلْ من أُضْحِيَتِهِ)،

وقد اختلف الفقهاء في كيفية تقسيم لحم الأضحية لمن قام بهذا النُسك، وفيما يلي آراء الفقهاء وأقوالهم وأدلتهم في كيفية تقسيم لحم الأضحية:

يرى فقهاء الحنفيّة أنه يجوز للمُضحِّي أنّ يدَّخر من أضحيته ما يشاء، ويُوزع منها ما يشاء، إلا أنّهم يرون أنّ الأفضل له أن يتصدَّق بالجزء الأكبر منها، إلا إذا كان فقيراً فينبغي عليه أن يتركها لعياله وهم أولى بها.

يرى المالكية أن من المُستحَب للمضحي أن يجمع بين أن يأكل من الأُضحية ويتصدّق منها كما له أن يُهدي منها لصديقه وجيرانه، دون تحديد كيفية تقسيمها، فيجوز له أن يوزِّع نصف الأضحية، ويُبقي نصفها الآخر، كما يجوز له أن يوزِّع ثلث الأضحية ويُبقي الثلثين، أما الأفضل في ذلك فيرى المالكية أنه ينبغي عليه أن يترك الأقلَّ ويوزع الأكثر، إلا أن يكون ذا حاجة ففي هذه الحالة يجوز له أن يُبقيها كلها.

يرى علماء الحنابلة أنّ من المستحَبّ تقسيم الأضحية إلى ثلاثة أجزاء، بحيث يوزّع ثلثها على جيرانه وأصدقائه، ويتصدق بثلثها على الفقراء والمحتاجين ويُبقي ثلثها لأهل بيته.

 شروط المُضحّي

لكي تُقبل الأضحية من المُضحي يُشترط فيه مجموعةٌ من الشروط منها:

الإسلام: فلا تُقبل الأضحية من كافرٍ لعدم ترتب الحكم الشرعي عليه من حيث الأجر والإثم، ولكونه ليس من أهل التكاليف.

الإقامة: اشترط بعض الفقهاء في المُضحي لقبول الأضحية منه أن يكون مُقيماً في بلده، فذلك أدعى لأن تقع الأضحية وتؤدي الغرض الذي شُرعت لأجله، وهو التوسيع على الفقراء والمساكين.

البلوغ والعقل: فالذي لا يعقل كالصغير والمجنون لا يكون من أهل التكاليف، وبالتالي فإن عباداتهما غير مقبولةٍ شرعاً ولا يُثابون عليها، وعليه فلا تُقبل الأضحية منهم، إلا ممن كان عاقلاً راشداً كامل الأهليّة لوقوع التكاليف عليه.

القدرة على الأضحية: فيجب في المُضحي أن يكون قادراً على أداء الأضحية، ولا يتكبد المبالغ المالية لأجل الأضحية، ويُحمِّل نفسه فوق طاقتها، لأن ذلك يُخرج الأضحية عن سبب مشروعيتها، وهو التيسير على الناس.

شروط الأُضحية

تُشترط في الأضحية مجموعةٌ من الشروط التي يجب توافرها فيها، وبيانها فيما يلي:

أن تكون من الأنعام التي تجوز فيها الأضحية: كالإبل، والبقر، والغنم، وغير ذلك من الأنعام التي أجاز الفقهاء الأضحية بها.

أن تبلغ سنَّ قبول الأضحية: وهو السنّ الواجب توافره فيها كما اشترطه الفقهاء لجوازها؛ فيشترط مثلا أن تبلغ الإبل خمس سنوات من عمرها وتبدأ في السّادسة، وفي البقر يجب أن تبلغ الأضحية عامين وتكون قد دخلت في السنة الثالثة، أما الغنم فيجب أن تكون قد أتمت سنةً من عمرها، وفي الضّأن يجب أن تتم ستّة أشهر في قول بعض الفقهاء.

أن تكون خالية من العيوب الظاهرة التي تؤثر في لحمها، فلا يجوز تضحية ما كان فيه عور ظاهر، أو تكون عرجاء بيِّن عرجها، أو قرنها مكسور، أو مريضة، أو هزيلة.

أفضل الأضاحي:

وأطيب الأضاحي على القول الراجح المخصي من الكباش لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ثم البدن أي الإبل لسوقه صلى الله عليه وسلم لها في حجة الوداع وقد بلغت المائة سنام وفي توجيهها إلى القبلة حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم ذبح كبشين أقرنين أملحين موجوءين فلما وجههما قال صلى الله عليه وسلم: (وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض على ملة إبراهيم حنيفا وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين اللهم منك ولك عن محمد وأمته بسم الله والله أكبر) ثم ذبح. رواه أبو داود وابن ماجه.

وقتُ الأضحية الذي تُقبل فيه

يُشترط أن تقع الأضحية في وقتٍ مخصوص، فإن قام أحد المُضحّين بأداء أضحيته خارج ذلك الوقت لم تجز، ولم تُحسب له أُضحيةً، إنما كانت ذبيحةً لا تختلف عن غيرها من الذبائح، وفيما يلي بيان أقوال الفقهاء في الوقت الذي ينبغي ذبح الأضحية فيه:

أول وقت الأضحية: يرى الشافعيّة والحنابلة أنَّ بداية وقت الأضحية يكون بعد طلوع شمس أول أيام عيد الأضحى المبارك، الذي يُطلَق عليه اسم يوم النّحر،

أما المالكية فيرون أنه لا بدَّ للمضحي حتى تُقبل أضحيته أن ينتظر حتى يفرغ الخطيب من صلاته وخطبته للعيد، ثم يذبح أضحيته إن كان يريد فعلها،

أما فقهاء الحنفيّة فقد فرّقوا بين أول وقت الأضحية لمن كان داخل المَصر -القرية- عن أول وقتها لأهل البادية، فيرون أن أول وقت الأضحية لأهل المدن والقرى هو كما ذهب إليه باقي الفقهاء، فيبدأ بنزول الخطيب عن المنبر بعد أداء صلاة العيد وخطبتها، أما أهل البادية فيجوز لهم البدء بالأضحية بعد إتمام صلاة الفجر مباشرةً.

آخر وقت الأضحية: يرى جمهور الفقهاء الحنفية والمالكية والحنابلة أنَّ آخر الوقت الذي تُقبل فيه الأضحية هو غروب شمس اليوم الثالث من أيام عيد الأضحى، وهو اليوم الثّاني من أيام التّشريق، أما الشافعيّة فقد خالفوا جمهور الفقهاء في ذلك، ورأوا أن آخر وقت الأضحية يكون بغروب شمسِ اليوم الرابع من أيام عيد الأضحى المبارك الذي هو اليوم الثّالث من أيّام التّشريق، وقد استدلَّ الشافعية على ذلك بما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كلُّ أيَّامِ التَّشريقِ ذبحٌ).

جواز التوكيل فِي الأضحية:

ويجوز أن يوكّل غيره فِي الأضحية، لأنّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ضحّى عن نسائه بالبقر: رواه البخاري (5559). والسنة أن يتولى المضحي ذبح أضحيته لحديث أنس في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين، قال أنس: فرأيته واضعاً قدمه على صفاحهما -والصفاح جانب الوجه يسمي ويكبر فذبحهما بيده.

عن كم تجزئ الأضحية؟

وتجوز أضحية الواحد عن أهل البيت ولو كثروا وتجزئ عن الجميع لفعله صلى الله عليه وسلم ولفهم الصحابة إذ لم يذبح أحد من آل بيته عن نفسه لاكتفائهم بأضحية النبي صلى الله عليه وسلم وقوله (هذا عن محمد وآله) رواه عبد الرزاق وابن ماجه من حديث أبي هريرة. ولقوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُضْحِيَّة) رواه أبو داود. ويجوز أن يشترك سبعة أشخاص فِي الإبل والبقر، وقد صحّ فِي رواية أنّ الإبل تجزئ عن عشرة، فعن ابن عبّاس رضي الله عنه قَالَ: (كنّا مع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي سفرٍ فحضر الأضحى، فاشتركنا فِي الجزور عن عشرة، والبقرة عن سبع) رواه ابن ماجه.

مسائل في الأضحية:

– إذا مرضت الأضحية بعد التعيين:

أ / إن كان بتفريط المضحي أو وكيله لزمه إبدالها بمثلها أو أكمل صفة.

ب / إن كان من غير تفريطه يذبحها وتجزؤه والأحوط الاستبدال بأكمل.

– إن هلكت الأضحية بعد التعيين:

أ / إن كان مفرطاً لزمه الضمان والاستبدال.

ب / إن كان غير مفرط فلا ضمان والأحوط الاستبدال.

ج / إن كان المتلف غير المالك فيلزم المتلف الضمان مطلقاً.

– إن ولدت بعد التعيين فحكم ولدها حكمها فلا يجوز بيعه بل يذبح لانسحاب الحكم عليه وهو ما نص عليه فقهاء المذهب.

– ليس للوكيل التصرف في أضحية المالك إلا بالذبح فقط وما يتبعه من سلخ فلا يتصدق ولا يهدى ولا يؤخذ إلا بإذن المالك.

– من احتاج إلى أخذ شيء من الشعر أو الظفر أو البشرة لعذر فلا حرج لقوله تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)(التغابن: من الآية16).

– من له أضحية وعزم على الحج فإنه لا يأخذ من شعره وظفره وبشرته شيئا إذا أراد الإحرام لأن هذا سنة فيرجح جانب الترك على جانب الأخذ ما لم يكن متمتعا فإنه يأخذ من شعره عند إتمام عمرته لأنه نسك.

– قال الفقهاء إذا أراد أن يضحي بأكثر من واحدة جاز له الأخذ من شعره وظفره إذا ذبح إحداهن والأحوط الإمساك حتى يضحي بالجميع.

شاركها

اترك تعليقاً