دروس من شركة بيكسار Pixar

مفهوم – بالتأكيد إذا كنت من محبي أفلام الأنيميشن فقد سبق لك مشاهدة أحد أفلامها، إنها شركة بيكسار للأنيميشن Pixar، وهي ستوديو أفلام أمريكي للرسوم المتحركة المنتجة عن طريق الحاسوب، ويشتهر الاستوديو لصناعته لأفلام رسوم متحركة منشأة بالحاسوب ببرامج من تطويرها.

شارك 3 أشخاص في تأسيس شركة بيكسار وهم: إد كتمول، جون لاستر، ستيف جوبز، وتولى الشريك المؤسس إد كتمول إدارتها لأكثر من عشرين سنة، ثم جمع خلاصة خبراته الإدارية في كتاب أسماه شركة الإبداع أو كريتيفيتي إنك (Creativity, Inc) ونشره مؤخرا.

يحاول هذا الكتاب أن يشرح كيف سادت بيكسار عالم شركات إنتاج أفلام الانيميشن، (أو أفلام الرسومات باستخدام الكمبيوتر). لعلك لم تسمع عن بيكسار إلا بعد شهرة فيلم قصة لعبة أو توي ستوري بأجزائه الثلاثة، ومن بعده الوحوش ونسترز والبحث عن نيمو وغيرها الكثير من الأفلام التي حصدت الشهرة والجوائز، لكنها شركة تستحق الدراسة لأسباب عديدة.

لعلك حين تسمع أن شركة مثل آي بي ام ناجحة إداريا، ستظن أنها حتما توصلت إلى أسرار إدارية صعبة مكنتها من النجاح إداريا، لكن المفاجأة الأكبر تحل عليك حين تقرأ مثل هذه الكتب وتجد أن أسرار النجاح بسيطة جدا، لكن الصعب هو أن تقنع الجميع في فريقك بها.

وهو شاب صغير السن، كان لدى مؤلف الكتاب حلم بسيط: أن يخرج أول فيلم رسومات متحركة / انيميشن بواسطة الكمبيوتر، لتحقيق هذا الحلم، كان عليه أن يدرس علوم الرياضيات ونظريات التحريك ثلاثي الأبعاد، والبرمجة والتصميم الهندسي. (نحن نتكلم عن مرحلة زمنية سبقت الويندوز وبرامج اوتوكاد و3دي ماكس ومايا التي تستخدمها أنت اليوم بشكل تقليدي)، بدون هذا الحلم لم نكن لنجد أشياء كثيرة متوفرة في عالمنا اليوم بشكل تقليدي.

بعدها ساقت الفرصة المؤلف لجلسة مع المخرج الشهير جورج لوكاس ليتوظف بعدها في شركته للإنتاج السينمائي في 1979 ليعمل في مجال المؤثرات البصرية الخاصة وهناك حيث عاصر رفض العاملين معه لقبول الجديد مثل عمل مونتاج للأفلام باستخدام الكمبيوتر، كما اكتشف أن المؤثرات البصرية المذهلة لا تجدي بدون قصة شيقة مؤثرة. من بعدها سنحت فرصة أخرى لجلسة مع ستيف جوبز انتهت بإقناعه بشراء بيكسار من مجموعة لوكاس فيلم.

يمكن تلخيص أهم أفكار هذا الكتاب الذي يجب على من يريد النجاح في إدارة شركته لتكون مبدعة قراءته، في التالي:

أهم أفكار كتاب شركة الإبداع – بيكسار:

اعط فكرة عبقرية لفريق عمل متواضع المستوى وسيفسدها، اعط فكرة متواضعة لفريق عبقري وسيعالج لك تواضع الفكرة ويجعلها عبقرية – أو سيأتي لك بفكرة أفضل منها.

إذا لم تجتهد لتكشف عن ما لا يمكن رؤيته وتفهم طبيعته، فأنت غير مستعد لأن تقود.

دور المدير ليس منع المخاطرة، بل دوره هو أن يجعل المخاطرة شيء آمن للآخرين ليخاطروا.

الواقع يؤكد على أن تكلفة منع الأخطاء من الحدوث أكبر بكثير من تكلفة علاج هذه الأخطاء حين تقع.

لا يجب على آلية التواصل بين العاملين في شركة ما أن تعكس الهيكل الإداري لهذه الشركة، إذ يجب على جميع العاملين أن يكونوا قادرين على التواصل مع الجميع ومع كل الآخرين بدون عوائق أو حواجز.

لا تتوقع أن موافقة جميع أعضاء أي فريق على أمر ما كفيلة بجعله يتحقق، الأمر يحتاج لطاقة عظيمة لتحريك فريق ما، حتى حين يكون الجميع موافقا على هذا التحرك.

طبعا فهم هذه النقاط بشكل أوضح يتطلب قراءة الكتاب كله، لكني هنا سأنقل بعضا مما جاء في سياقه، بهدف توضيح بعض هذه الأفكار، فمثلا يقول المؤلف: لا تنتظر حتى يكون كل شيء في أفضل أحواله حتى تشاركه مع الآخرين، بل شارك مبكرا ما لديك من مشاريع مع الآخرين وكرر هذا الأمر، وحين تثمر الأفكار وتبلغ أوان قطافها، ستكون قد استمتعت بالرحلة من الفكرة حتى التنفيذ وقطف الثمار.

ثم يعطف المؤلف على ما سبق قائلا:

الفشل ليس بالضرورة شرا، بل في الواقع هو ليس شراء على الإطلاق، إذ هو نتيجة لازمة لمن يفعل شيئا جديدا.

إذا لم تكن تمر بتجربة فاشلة حاليا، فأنت ترتكب خطأ فادحا، فأنت فعليا تقودك الرغبة الداخلية في تجنب الفشل.

خاطر دائما من أجل تحسين كل شيء، حتى ولو كان الخطر كبيرا.

أدركنا أن هدفنا ليس فقط بناء ستوديو تصميم أفلام انيميشن يخرج منه أفلام ناجحة للغاية، بل هدفنا هو إنشاء وتشجيع ثقافة إبداعية تجعلنا جميعا نطرح أسئلة باستمرار.

الحرفة هي أن نعرف المتوقع منا معرفته. الفن هو الاستخدام غير المتوقع لحرفتنا.

يمكن للقيادة الجيدة أن تشجع الفنانين المبدعين على الاستمرار في طريقهم نحو التميز الإبداعي، بغض النظر عن طبيعة العمل الذي يعملون فيه.

لقد فعلنا المستحيل، لقد فعلنا الشيء الذي أجزم الآخرون أننا غير قادرين على فعله، ولقد فعلناه بشكل مدهش.

القيادة هي أن تصل لأفضل قرار ممكن بناء على توقعاتك، ثم تسرع لتنفيذه حتى إذا اكتشفت أنه خطأ كان لديك الوقت الكافي لتغييره إلى الصواب.

يرى الكثيرون تغيير الرأي وتعديل الاتجاه على أنه نقطة ضعف؛ علامة على أنك لا تعرف ما الذي تفعله. هذه القناعة تثير دهشتي بشدة، فأنا – شخصيا – أرى أن غير القادر على تغيير رأيه هو شخص خطير. ستيف جوبز اشتهر عنه أنه يغير رأيه فورا حين تستجد أمورا جديدة، ولم أجد أحدا يرى في ذلك ضعفا.

ما يجعل بيكسار متميزة هو علمنا بأننا سنرتكب الأخطاء دائما، وأن كثيرا منها لن يكون واضحا لنا، وأننا سنعمل بجهد كبير لكي نكتشف هذه الأخطاء والمشاكل، حتى ولو جعلنا هذا الاكتشاف نشعر بعدم الراحة، حتى ونحن نجمع كل طاقاتنا معا لعلاج هذه الأخطاء المكتشفة. هذه الروح في العمل هي التي تجعلني اذهب لك يوم للعمل وأنا سعيد، وتعطيني شعورا واضحا بهدفي وغرضي من العمل.

حين جلسنا مع خبراء إعادة بناء الشركات والذين عملوا لدى شركة لوكاس فيلم، طلبوا منا التركيز على شيء وحيد: خفض التكلفة بأي طريقة، كما طلبوا مني ومن شريكي إعداد قائمة بأناس في فريق العمل لدينا لطردهم، على أن نقوم بإعادة توظيفهم فور أن يتم بيع الشركة. لقد كنا ندرك أن أهم شيء نملكه هو المبدعين والفنانين الذين نجحنا في ضمهم لفريق العمل لدينا، ولذا حين طلبوا منا اقتراح أسماء أناس لفصلهم من العمل، كتبت أنا اسمي وكذلك كتب شريكي اسمه.

شاركها

اترك تعليقاً