مفهوم – هو صراع تقني خفي بين الدول الكبرى، حيث تتسابق حكومات الدول الكبرى تقنيا للوصول إلى معلم جديد في تاريخ صناعة الحواسيب الخارقة من خلال جعلها قادرة على إجراء مليون تريليون عملية حسابية في الثانية، وهو ما يعبر عنه بوحدة «إكسافلوبس».
والحاسوب أو الكمبيوتر الخارق هو ذلك الحاسوب الذي يضم آلاف المعالجات المتصلة بينها، والتي تعمل في الوقت عينه لأداء العمليات المطلوبة. وتقاس سرعة معالجات الحواسيب الخارقة حاليا بوحدة بيتافلوبس، حيث يعادل كل بيتافلوبس ما مقداره ألف تريليون عملية حسابية في الثانية.
وتتصدر الصين في الوقت الحالي قائمة أسرع الحواسيب الخارقة في العالم بحاسوبها «تيانهي-2» بسرعة 33.86 بيتافلوبس، يليه الحاسوب الأميركي الخارق «تيتان» بسرعة 17.59 بيتافلوبس، ثم الحاسوب «سيكويا» بسرعة 17.17 بيتافلوبس.
وحاليا تركز اليابان والصين جهودهما نحو بناء حواسيب خارقة من مرتبة الإكسافلوبس بحلول العام 2020، في حين يقدر الخبراء أن تتأخر الولايات المتحدة في بناء نموذجها الخاص من هذه الحواسيب إلى العام 2023.
معمارية جديدة:
وللوصول إلى حواسيب من مرتبة الإكسافلوبس يجب الوصول إلى معمارية حاسوبية جديدة قادرة على جمع عشرات الآلاف من وحدات المعالجة المركزية ووحدات معالجة الرسوميات. ويجب على المطورين تعلم كيفية بناء برمجيات قادرة على التعامل مع المعماريات الحاسوبية الجديدة، كما تحتاج هذه الحواسيب إلى كميات كبيرة من الطاقة لتشغيلها.
ويرى ستيف سكوت نائب الرئيس والمدير التقني في شركة كراي الأميركية المتخصصة بصناعة الحواسيب الخارقة، أن تطوير حواسيب إكسافلوبس يعتمد إلى حد ما على مقدار الأموال التي تعتزم الحكومات استثمارها في هذه التقنية، مشيرا إلى إمكانية بناء حواسيب بسرعة إكسافلوبس في وقت قريب جدا رغم التكاليف الضخمة التي يتطلبها ذلك.
فوفقا لعالم الحاسوب في جامعة نوتردام بيتر كوغ، يتطلب هذا النمط من الحواسيب الخارقة محطات نووية قادرة على توليد طاقة كهربائية من مرتبة الغيغاواط.
لكن المفوض الإداري في مختبر «لورانس بيركلي الوطني» في كاليفورنيا هورست سيمون، يقول إن الحكومة الأميركية تسعى إلى بناء نموذج خاص من هذه الحواسيب الخارقة بتكلفة مائتي مليون دولار ولا يتعدى استهلاكها للطاقة الكهربائية ثلاثين ميغاواطا، مع إشارته إلى أن تكلفة توليد ميغاواط واحد تصل سنويا إلى مليون دولار.
سوميت وسييرا:
وقد استثمرت وزارة الطاقة الأميركية مؤخرا 325 مليون دولار في بناء حاسوبين خارقين بسرعة تصل إلى 0.1 إكسافلوبس، من تطوير شركة آي.بي.أم بحيث يدخلان الخدمة عام 2017.
ويعتمد الحاسوبان سوميت وسييرا على معمارية حاسوبية جديدة تقلل مقدار الطاقة اللازمة لنقل البيانات بين الذاكرة والمعالجات، الأمر الذي يعد خطوة مهمة نحو تطوير حواسيب خارقة من مرتبة إكسافلوبس.
ويوضح سيمون أن تطوير مثل تلك الحواسيب يتطلب توصيلات داخلية قادرة على نقل البيانات بين المعالجات الكثيفة بسرعة وباستهلاك منخفض للطاقة، وتوقع أنها ربما تستخدم لتحقيق ذلك وصلات ليزرية لنقل البيانات.
كما تستثمر وزارة الطاقة الأميركية مائة مليون دولار بهدف تطوير معماريات جديدة تساهم في انتشار مفهوم الحوسبة الخارقة على نطاق واسع، وهو أمر لا يخدم تطلعات الحكومة الأميركية فحسب، بل من شأنه أيضا أن يرسم مستقبل الحوسبة خلال القرن الجاري.
يذكر أن آي.بي.أم نجحت عام 2008 في الوصول إلى سرعة بيتافلوبس واحد لأول مرة في التاريخ من خلال حاسوبها الخارق «رودرنر» الذي تربع في ذلك الوقت على رأس قائمة أسرع خمسمائة حاسوب في العالم.
وتستخدم الحواسيب الخارقة في العديد من المجالات التي تتطلب إنجاز عمليات حسابية مكثفة، مثل ميكانيكا الكم والتنبؤ بالطقس والبحوث المناخية والتنقيب عن النفط والغاز والنمذجة الجزيئية (مثل حساب بنية وخصائص المركبات الكيميائية والبوليمرات والبلورات)، والمحاكاة الفيزيائية (مثل محاكاة اللحظات الأولى للكون والديناميكا الهوائية للطائرات والمركبات الفضائية، وانفجار الأسلحة النووية، والاندماج النووي)، وتحليل الشفرات