مفهوم – ما هو المعروف وما هو المنكر؟ هل المعروف ما تعارفه الناس من خير وشر وإثم وثواب أم أن المعروف ما أمر الله به ورسوله؟
المعروف في اللغة
يدور معناه غالبا على ما تعارف عليه الناس وعلموه ولم ينكروه والمنكر في اللغة، يدور معناه غالبا على ما جهله الناس واستنكروه وجحدوه.
قال في القاموس: عرفه يعرفه معرفة وعرفانا وعرفة بالكسر، وعِرِفّانا بكسرتين مشددة الفاء، علمه، والمعروف ضد المنكر.
والنكر بالضم وبضمتين، المنكر كالنكراء، والأمر الشديد، والنكرة خلاف المعرفة، وتناكر تجاهل والقوم تعادوا، ونكر فلان الأمر كفرح نكرا محركة، ونكرا ونكورا بضمها ونكيرا، وأنكره واستنكره وتناكره جهله، والمنكر ضد المعروف.
وقال في لسان العرب: عرف العرفان العلم…. والمعروف ضد المنكر، والعرف ضد النكر، يقال: أولاه عرفا أي معروفا، والمعروف والعارفة خلاف النكر، والمعرف كالعرف، وقوله تعالى: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا [لقمان:15]، والإنكار الجحود، وقوله تعالى: إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ [لقمان:19]، أي أقبح الأصوات: والنُكْر، والنكُرُ الأمر الشديد، والمنكر من الأمر خلاف المعروف، وقد تكرر في الحديث الإنكار والمنكر وهو ضد المعروف، وكل ما قبحه الشرع وحرمه وكرهه فهو منكر، والنكْر والنكراء، ممدود، المنكر، وفي التنزيل العزيز، لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا [الكهف:74]، ونكر الأمر نكيرا، وأنكر إنكارا ونُكرا، جهله عن كراع، وفي التنزيل العزيز: نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً [ هود:70].
وقال في المعجم الوسيط: العرف المعروف وهو خلاف النكر وما تعارف عليه الناس في عاداتهم ومعاملاتهم.
نكر فلان نكرا ونُكرا ونكاره، فطن وجاد رأيه،،، والشيء جهله، وفي التنزيل العزيز: فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ [ هود:70]، ونكر الأمر نكاره صعب واشتد وصار منكرا، وأنكر الشيء جهله، وفي التنزيل العزيز: وَجَاء إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ [ يوسف:58]، وحقه جحده، وفي التنزيل العزيز: يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا [النحل:83] (1)
المعروف في الشرع:
كل ما يعرفه الشرع ويأمر به ويمدحه ويثني على أهله، ويدخل في ذلك جميع الطاعات، وفي مقدمتها توحيد الله عز وجل والإيمان به.
المنكر في الشرع:
كل ما ينكره الشرع وينهي عنه ويذمه ويذم أهله، ويدخل في ذلك جميع المعاصي والبدع، وفي مقدمتها الشرك بالله عز وجل وإنكار وحدانيته أو ربوبيته أو أسمائه أو صفاته.
وعبارات المفسرين في تفسير المعروف والمنكر، لا تتجاوز ذلك.
فقيل: المعروف: كل قول حسن وفعل جميل وخلق كامل للقريب والبعيد.
وقيل: المعروف: الخير كله، والمنكر جميع الشر.
وقيل: المعروف: ما عرف حسنه شرعا وعقلا، والمنكر: ما عرف قبحه شرعا وعقلا.
وقيل: المعروف: الإحسان والطاعة، وكل ما عرف في الشرع والعقل حسنه (1)
وقيل: المعروف طاعة الله وما يعرفه الشرع وأعمال البر كلها.
وقيل: المعروف: الإيمان، والمنكر الشرك، وقيل المعروف السنة، والمنكر البدعة (2)
وقيل: المعروف: خلع الأنداد ومكارم الأخلاق وصلة الأرحام.
والمنكر. عبادة الأصنام وقطع الأرحام وقيل: المعروف: الطاعات والفضائل أجمع.
وقيل: العرف، صلة الأرحام، وتقوى الله في الحلال والحرام وغض الأبصار والاستعداد لدار القرار.
وقيل: المعروف: عبادة وتوحيده وكل ما أتبع ذلك، والمنكر، عبادة الأوثان وكل ما أتبع ذلك (3) ، وهذا الأقوال كلها حق ولا تنافي بينها.
وقال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث:
(عرف) قد تكرر ذكر المعروف في الحديث، وهو اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله والتقرب إليه والإحسان إلى الناس، وكل ما ندب إليه الشرع، ونهى عنه، من المحسنات والمقبحات، وهو من الصفات الغالبة، أي أمر معروف بني الناس، إذا رأوه لا ينكرونه، والمعروف النصفة وحسن الصحبة مع الأهل وغيرهم من الناس، والمنكر ضد ذلك جميعه.
وقال: وقد تكرر ذكر الإنكار والمنكر في الحديث، وهو ضد المعروف وكل ما قبحه الشرع وحرمه وكرهه فهو منكر يقال: أنكر الشيء ينكره إنكارا فهو منكر، ونكره ينكره نكرا فهو منكور، واستنكره فهو مستنكر والنكير الإنكار، والإنكار الجحود. (4)
اوفي ذات الإطار، يلخص الفضل بن الحسن الطبرسي المتوفى سنة 548 هـ ، وهو أحد أبرز مفسري القرآن الكريم، يلخص في تفسيره مجمع البيان معنى المفردتين بالقول: “المعروف؛ الطاعة والمنكر؛ المعصية….”.
ويمكن القول بعبارة أخرى؛ إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كفريضة واجبة على كل مسلم، هي خطوة عملية لتحويل عقيدة الإسلام إلى سلوك واقعي، الهدف منها هو أن تسود فطرة الإنسان الأولى بحب الخير ونبذ الشرور في المجتمعات الإنسانية، والتي سيترتب عليها صلاح الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها من مفاصل الحياة الضرورية.