ما هي الدبلوماسية ؟ وما هي وظائفها السياسية ؟

مفهوم – الدبوماسية هي صفة تخص التمثيل السياسي للبلاد، وتصريف شؤون الدولة الخارجية مع الدول الأجنبية وأساليب التعامل السياسي بينَ الدول، كما يمكن القول إنّها فن ممارسة العلاقات الدولية مثل إبرام المعاهدات، والاتفاقات، والتفاوض، ولا تقتصر الدبلوماسية على السياسة، بل هي أيضاً وسيلة الاتصال الناجحة بينَ الناس، فلها الفضل في القضاء على الحروب والتناحر من أجل لقمة العيش، والحصول على الأراضي والمكاسب.

وقد عرفت الدبلوماسية منذُ القدم، ومن أمثلة المعاملات الدبلوماسية في القديم؛ المراسلات التي كانت بين الرسول محمد عليه الصلاة والسلام ونجاشي الحبشةـ وهرقل عظيم الروم، وكسرى ملك الفرس.

الدبلوماسية السياسية

عرفَ تشو إنلاي وهو وزير الخارجية الصينية من 1949م وحتى 1958م وأول رئيس وزراء فيها الدبلوماسية بأنّها استمرار الحرب بوسائل أخرى ويتضمّن هذا التعريف استخدام القوّة الناعمة والقوّة الخشنة، وقد عُرّف جوزيف ناي وهو أستاذ العلوم السياسية الأميركي والعميد السابق لجامعة جون كينيدي القوّة الناعمة بأنها المقدرة على إقناع الناس بآرائنا دونَ استخدام القوة العسكرية أو السياسية أو الاقتصادية. وتحدث وليام سترانج، وكيل الوزارة الدائم في وزارة الخارجية البريطانية من 1949 إلى 1953م عن الدبلوماسية في زمن الحرب، حيثُ قال إنّها تصبح مسؤولية كل فرد عندما تصبح الحرب مأساة الجميع دون استثناء.

مهارات الدبلوماسية

إنّ أهم المهارات التي تساعد الدبلوماسي في الوصول إلى النتيجة المطلوبة هي فهم شامل لمنظور الطرف الذي يتم النقاش من أجله، وتقدير لثقافة ومصالح الطرف الآخر، حيثُ تتيح المفاوضات فرصة الوصول إلى حلّ يربح فيه الجميع، وحتى ينجح الدبلوماسي عليه أن يتقن فنّ الإنصات لما يقوله الطرف الآخر، ومحاولة العثور على نقاط اتفاق تجمع بينهم وتتغلّب على النقاط التي تفرّقهم، ولهذا عليهم الدخول في نقاش ذي هدف واضح ومحدّد.

و على الرغم من أنّ الرسائل أصبحت سريعة الوصول من دولة إلى أخرى في يومنا هذا، إلّا أن اللقاءات الشخصية تضيف خصوصية وصدقاً متبادلاً بين الدولتين؛ فالدبلوماسية الرسمية هي نظام دائم من التواصل الرسمي بين الدول، ومن ذلك السفراء، وبقاء السفارات في العواصم الأجنبية ،وإرسال الرسائل بواسطة مبعوثين مؤهلين رسمياً والمشاركة في المؤتمرات.

أهمية الدبلوماسية 

وتنبع أهمية الدبلوماسية من واقع أن معظم السياسات الخارجية تُحدد عموماً من دون وضع تدابير لتطبيقها، وعلى الدبلوماسي البارع أن يجعل هذه السياسات متألقة مع الوضع القائم.

وهناك مناسبات عدّة تبرر فيها حيثيات وضع معين باتخاذ تدابير معارضة للسياسة العامة المتبعة، ولهذا تعتمد الدولة على حكمة مسؤوليها الدبلوماسيين في هذا المجال. وقلّة هي الحكومات التي تتبع سياسة متجانسة تماماً عما يحركها صوت واحد؛ لذا يقع على عاتق الدبلوماسيين أن يقفوا بين الأصوات المتنافسة وأن يجعلوا سيادة دولتهم الخارجية متجانسة ومتماسكة، و واضحة، ومفهومة.

وللدبلوماسية وجهان، فهي الوسيلة التي تدافع بها الدولة عن نفسها وتشكو من خلالها همومها إلى العالم، وهي أيضاً إحدى الوسائل الأساسية للتوفيق بين مختلف المصالح المتنافسة. بمعنى آخر، تهدف الدبلوماسية إلى تلبية أهداف الدولة المعنيّة مع حفظ العلاقات الدولية كما هي، أي أنها الأداة التي تستخدمها الدول للوصول إلى أهدافها دون إثارة عداء الدول الأخرى. وعلى الدبلوماسيين أن يحافظوا على حماية مصالح دولتهم ويتجنبوا النزاع مع الدول الأخرى.

وظائف الدبلوماسية

أما عن وظائف الدبلوماسية فهي ثلاث يمكن تلخيصها بــ (جمع المعلومات، وتقديم صورة إيجابية، وتطبيق السياسة).

تجمع السفارة معلومات حول تفكير القيادة السياسية المحلية، وعن حالة الإقتصاد المحلي، وطبيعة المعارضة السياسية.

وهذه الأمور كلها مهمة لأنها تساعد على التنبؤ بالمشكلات الداخلية واستباق التغيرات في السياسة الخارجية، فيعدّ الممثلون الدبلوماسيون بمنزلة عيون الدولة وآذانها في الخارج، إذ أن رسائلهم وتقاريرهم تعدّ جزءاً من الموارد الأوليّة التي تبنى عليها السياسة الخارجية كما تهدف الدبلوماسية إلى توفير صورة مستجدّة عن الدولة واليوم تتيح الاتصالات الحديثة تكوين أفكار واتخاذ مواقف حول العالم، وتتمتع الدول بأنظمة علاقات عامة واسعة، تهدف إلى جعل أعمالها وسياساتها محط تأييد دولي. وتزوّد السفارات الأجنبية وسائل الإعلام المحلية بتفسيرات رسمية، وتحاول تجنب الدعاية السلبية أو التخلص منها.

كما يدير الدبلوماسيون برنامج الدولة في الخارج، إذ يتفاوضون في مسألة الحقوق العسكرية ويسهلون الإستثمار الأجنبي والتجارة ويشرفون علي توزيع المساعدات الإقتصادية ويوفرون المعلومات والمساعدات اللازمة، إلا أنه مع مرور الزمن قلت أهمية السفراء الرسميين على ما كانت عليه في السابق، فحين كان السفر والتواصل بدائيين، كان السفراء يتمتعون بالسطلة والأهلية لتطبيق السياسة الخارجية كاملاً، إلا أن اليوم يتواصل رؤساء الهرم السياسي واصحاب السياسات الرفيعة المستوى فيما بينهم عن طريق الهاتف “دبلوماسية القمة”، أو من الممكن إرسال مبعوثين خاصين “دبلوماسية المكوك”، وتعتبر دبلوماسية المكوك من أهم الطرق الدبلوماسية خصوصاً بعدما جعل هنري كيسنجر Henry Kissinger وزير ومهندس السياسة الخارجية الأمريكي منها المكوك فناً راقياً في تقييد القوة وتتحقيق المصالح عن طريق الدبلوماسية السلمية.

أن الدبلوماسية مـفـهـوم مـتعـدد الجوانب والاستخدامات، وأنها مرتبطة بالأهـداف، ولم تعد تقتصر على العلاقات الثنائية بين الدول، بل امتدت لتشمل اتصالات الدول بالمنظمات الدولية والإقـلـيـمـيـة وغيرها من المؤسسات والوحدات السياسية في المجتمع الدولي، وبالتالي فإن الدبلوماسية أصبحت عملية سياسية مستمرة توظّفها الدولة بشكل رسمي في تنفيذ سياستها الخارجية وفي إدارتها لعلاقاتها مع غيرها من الدول والأشخاص الدولية الأخرى.

 

شاركها

اترك تعليقاً