كيف يؤثر تلوث الهواء على صحتنا ؟

مفهوم – توصلت دراسات على مدى العقود القليلة الماضية إلى الكشف عما يمكن لغازات مثل ثاني أكسيد النيتروجين وجزيئات دقيقة، أن تُلحق بالجسم من أضرار قد يطول مداها.

أزمة ربو

تظهر أبرز آثار تلوث الهواء على تنفسنا؛ ذلك أن أي شخص يعاني داء الربو، على سبيل المثال، يكون أكثر عرضة للخطر من غيره، وذلك لأن الهواء الملوث يستطيع أن يورث مشاكل مزمنة فضلا عن الإصابة بالربو.

وهناك بحث متميز يجرى حاليا على 300 طفل في أنحاء لندن. وفي إطار ذلك المشروع، يحمل كل طفل من هؤلاء حقيبة لرصد الهواء مجهزة بأدوات لقياس معدلات ثاني أكسيد النيتروجين والجزئيات الدقيقة.

توصلت أبحاث على مدى العقود القليلة الماضية إلى الكشف عما يمكن لغازات مثل ثاني أكسيد النيتروجين أن تلحقه بالجسم.

ويتمثل أحد دوافع ذلك البحث في أن تنّفُس هواء ملوث في سن مبكرة يمكن أن يورث مصاعب تستمر مدى الحياة.

وتوصل البحث إلى أن الأطفال الذين نشأوا في أماكن شديدة التلوث تضيق سعة الرئة لديهم أكثر من نظرائهم الذين ينشأون في مناطق أنظف هواءً بمعدل خمسة في المئة، طبقا لدراسة أجريت في لندن.

تحديات أكبر

ويمكن لتلوث الهواء أن يثير مشاكل أخرى تتعلق بالتنفس، بينها انتفاخ الرئة والالتهاب الشعَبي المزمن؛ ويظن البعض أن سرطان الرئة بين تلك المشاكل.

ويقول بن باريت، من جامعة كينغز كوليدج لندن، والذي يُجري بحث حقيبة الظهر، إن الأطفال المولودين في بيئة أكثر تلوثا يواجهون تحديات أكبر في الحياة.

ويضيف باريت: “ليس بالضرورة أن يكونوا مصابين بمرض معين، لكن أجسادهم تكون أقل قدرة على مجابهة التحديات مع بلوغهم سن المراهقة فضلا عن التقدم في السن بعد ذلك”.
يمكن لتلوث الهواء أن يثير مشاكل أخرى تتعلق بالتنفس، بينها انتفاخ الرئة والالتهاب الشعَبي المزمن، ويظن البعض أن سرطان الرئة بين تلك المشاكل.

وثمة طريق آخر للضرر تنفتح أبوابه على مصراعيها عندما تجد الجزيئات الأصغر حجما طريقها إلى أعماق الرئتين، في الحويصلات الهوائية، حيث يتحول الأكسجين إلى مجرى الدم.

وقد ثبت أن تلك الجزئيات التي يقل قطرها عن 2.5 ميكرومتر، صغيرة بما يكفي لهذا التحول؛ ومن ثم فهي تدخل الجهاز القلبي الوعائي وتجري في الجسم مجرى الدم.

وتتمثل المخاطر الناجمة عن ذلك في احتمال تصلب الشرايين، مما يزيد خطر حدوث جلطة، فضلا عن أمراض القلب والسكتات الدماغية.

وثمة دليل على أن تلك الجزيئات الدقيقة يمكن أن تصل إلى الدماغ، ويدرس الباحثون الربط بين ذلك وأمراض الخرف.

مجموعة من الأدلة

رجحت دراسة صينية مهمة العام الماضي وجود ارتباط بين التلوث وضعف القدرات الإدراكية، بينما ذكرت دراسة بريطانية نُشرت الأسبوع الماضي وجود ارتباط بين النوبات الذهانية (النفسية) لدى المراهقين وتلوث الهواء.

وبحسب الباحث جوناثان جريغ، من جامعة كوين ماري في لندن، فإن الأدلة تتزايد على اتساع نطاق آثار الهواء الملوث على الأطفال.

ويقول جريغ: “نحن على يقين أن الهواء الملوث مرتبط بأمراض الجهاز التنفسي كنوبات الربو وبأمراض الجهاز القلبي الوعائي وبالسكتات القلبية، وفي غضون خمس سنوات مقبلة سنكون أكثر ثقة بشأن أمراض أخرى كالخرف والسمنة”.

وثمة منطقة جديدة في البحث تتمثل في الكشف عن الأسباب وراء ميل الأجنة في المناطق الأكثر تلوثا إلى الخروج للحياة مبتسرين وبأوزان أقل من نظرائهم في مناطق أخرى أقل تلوثا.

وتوصلت دراسة عن الغشاء الجنيني (المشيمة) إلى وجود نقاط سوداء في المشيمة في حالات تلك الأجنة تشبه الجزئيات التي توجد على جدران خلايا الرئة المصابة بسبب تلوث الهواء.

ويقول نوريس ليو، أحد الباحثين المشاركين من جامعة كوين ماري، إن التصور الذي كان سائدا هو أن المشيمة بيئة معقمة، لذا فقد كان مفاجئا رؤية نقاط سوداء.

وأضاف ليو: “نحن نعلم كيف تبدو جزيئات التلوث عندما تكون موجودة في الخلايا بأماكن أخرى في الجسد، لا سيما في الرئتين، وتشبه النقاط السوداء التي نراها في المشيمة إلى حد كبير جدا -سواء في الشكل أو اللون- تلك النقاط السوداء في الرئة المصابة بسبب تلوث الهواء، مما دفعنا إلى الاعتقاد بأنها هي هي ذات الجزيئات”.

ولا يثبت وجود تلك الجزيئات أي ارتباط مع الولادة المبتسرة أو انخفاض وزن المولود، لكنه يثير وجود آلية محتملة.

ووافقت 15 أُمّا شابة حتى الآن على التبرع بالأغشية الجنينية لمواليدهن للدراسة، وقالت إحداهن، وتدعى راشيل باسويل، إن تلوث الهواء لم يكن من بين كل المخاطر التي كانت تثير قلقها أثناء الحمل.

شاركها

اترك تعليقاً