أحكام الطلاق في الإسلام

مفهوم – للبيوت أسرارُها، وللعلاقات الزوجية سماتها، وفي حياة كلِّ زوجين أفراح وأتراح، فيومًا تطيبُ العشرة بين الزوجين فيصبحان وكأنهما أسعدُ زوجين ينعمان بعيشة هنيَّة وحياة زوجيَّة هانئة هادئة، ويومًا يحدثُ في البيت ما يعكرُ صفوَه ويكدرُ هناءَه؛ فتتباعد القلوب وتستوحش النفوس، ويضيق البيت على سعتِه بساكِنيه، وبين هذين اليومين أيامٌ وأيامٌ تكونُ شوبًا من المودَّة والبُغض، وخليطًا من الحب والكراهية،

فالطلاق حلٌّ شرعي يلجأُ إليه الزوجان عند استحالة العيش سويًّا،

تعريف الطلاق

الطلاق: لغة: حل القيد والإطلاق.

وشرعاً: حلُّ عقْد النكاح بلفظ الطلاق ونحوه.

ويقوم مقام اللفظ: الكتابة والإشارة المفهمة من الأخرس، ويلحق بلفظ الطلاق لفظ «الخلع» وقول القاضي: «فرقت»، ولا يصح الرجوع في الطلاق أو العدول عنه كسائر الأيمان، والطلاق مشروع بالكتاب والسنة والإجماع، وقد جعله الله بيد الزوج لأن المرأة غالباً أشد تأثراً بالعاطفة من الرجل، ولما يتبع الطلاق من أمور مالية.

حكم الطلاق: الجمهور على أن الطلاق جائز، والأولى عدم ارتكابه، وذهب الحنفية إلى إباحته، ويستحب كون الطلاق طلقة واحدة؛ لأنه يمكنه تلافيها، وإن أراد الطلاق الثلاث، فَّرق الطلقات في كل طهر طلقة ليخرج من الخلاف، فإن عند أبي حنيفة لا يجوز جمعها، ولأنه يسلم من الندم.

لا يقع طلاق المجنون والمدهوش والمغمى عليه، ولا الغضبان إذا اشتد الغضب ولم يدرِ ما يقول ويفعل ولا يقصده، ولا المكرَه، ولا المخطئ أو من سبق لسانه، أما السكران فيقع طلاقه في الراجح، عقوبة وزجراً، ويقع طلاق السفيه، والهازل واللاعب، ويقع طلاق غير المسلم عند الجمهور غير المالكية.

ويقع الطلاق الصريح بدون حاجة إلى نية: كقوله: أنت طالق، ومطلقة، وطلقتك، وعليَّ الطلاق، أنت علي حرام، أو حرمتك، أو محرمة، ولا يقع طلاق الكناية إلا بالنية: كقوله: أمرُك بيدك، لاتُرِني وجهك، الحَقِي بأهلك، اذهبي، اخرجي…، أما الطلاق بالكتابة -الرسالة- فيقع، ومن طلق في قلبه لم يقع، ويقع الطلاق بإشارة الأخرس.

  • قيود إيقاع الطلاق شرعاً: (أن يكون لحاجة مقبولة، في طهر لم يجامعها فيه، مفرّقاً).
  • التوكيل في الطلاق:للرجل إنابة غيره في الطلاق، ويجوز تفويض الطلاق للزوجة بالإجماع.
  • الطلاق المنجز أو المعجل: هو ما قصد به الحال، ويقع في الحال وترتب آثاره عليه بمجرد صدوره.
  • الطلاق المضاف: هو ما أضيف حصوله إلى وقت في المستقبل، ويقع عند مجيء الزمن المحدد.
  • الطلاق المعلق : هو ما رتب وقوعه على حصول أمر في المستقبل، يقع متى وجد المعلق عليه

الطلاق الرجعي و الطلاق البائن

الآثار المترتبة عليه

أحكام مشتركة

الطلاق الرجعي

هو الذي يملك الزوج بعده إعادة المطلقة إلى الزوجية من غير حاجة إلى عقد جديد ما دامت في العدة، ولو لم ترضَ، وذلك بعد الطلاق الأول والثاني غير البائن إذا تمت المراجعة قبل انقضاء العدة، فإذا انتهت العدة انقلب الطلاق الرجعي بائناً، فلا يملك الزوج إرجاع زوجته المطلقة إلا بعقد جديد. نقص عدد الطلقات التي يملكها الزوج، وانتهاء رابطة الزوجية بانتهاء العدة، وإمكان المراجعة في العدة، وحرمة الاستمتاع عند الشافعية والمالكية في المشهور، وقال الحنفية والحنابلة: الطلاق الرجعي لا يحرم الوطء، والمرأة الرجعية زوجة يلحقها طلاق الرجل وظهاره وإيلاؤه ولعانه، ويرث أحدهما صاحبه بالاتفاق

وجوب نفقة العدة للمطلقة، وثبوت نسب ولدها الذي تلده للمطلق، ويهدم الزوج الثاني إذا تزوجت المطلقة بزوج آخر ما كان من الطلاق في الزواج الأول، وينفرد الطلاق الرجعي عن البائن بأحكام.

 

الطلاق البائن

بائن بينونة صغرى: هو الذي لا يستطيع الرجل بعده أن يعيد المطلقة إلى الزوجية إلا بعقد جديد ومهر. نقص عدد الطلقات التي يملكها الزوج، ويحلّ به الصداق المؤجل إلى أحد الأجلين: الموت أو الطلاق، ويمنع التوارث بين الزوجين
بائن بينونة كبرى: هو الذي لا يستطيع الرجل بعده أن يعيد المطلقة إلى الزوجية إلا بعد أن تتزوج بزوج آخر زواجاً صحيحاً، ويدخل بها، ثم يفارقها أو يموت عنها، وتنقضي عدتها منه. تحرم به المطلقة على الزوج تحريماً مؤقتاً، ولا تحل له حتى تتزوج بزوج آخر، ويدخل بها دخولاً حقيقياً، ثم يطلقها أو يموت عنها، وتنقضي عدتها منه

 

الرجعة

هي إعادة المطلَّقة طلاقاً غير بائن إلى الزواج في العدة بغير عقد، وتكون بالقول اتفاقاً، وتكون بالفعل، ولا يجب في الارتجاع من الطلاق الرجعي صداق ولا ولي ولا يتوقف على إذن المرأة ولا غيرها، ولا يشترط الإشهاد على الرجعة.

أحكام المرأة الرجعية

يباح للرجل عند الحنابلة الخلوة بها والسفر بها، ولها أن تتزين له، وله أن يطلِّقها، وهي مثل الزوجة اتفاقاً في لزوم النفقة والكسوة والسكنى.

شروط المرأة الرجعية

أن تكون مدخولاً بها، مطلَّقة طلاقاً رجعياً من نكاح صحيح، وأن يكون الطلاق بلا عوض، وأن تكون ممن لم يستوفَ عدد طلاقها، وأن تكون باقية في العدة

 

شاركها

اترك تعليقاً