أكثر الأخطاء الشائعة التي يرتكبها صناع الأفلام المبتدئون

مفهوم – أكثر الأخطاء الشائعة التي يرتكبها صناع الأفلام المبتدئون.

جميعنا نرتكب الأخطاء ومن الطبيعي جداً أن نرتكب الأخطاء في بداية أي مهنة، ومنها مهنة صناعة الأفلام التي تكثر تفاصيلها وتتشعب وبالتالي تكبر احتمالية ارتكاب الأخطاء فيها، لذا تستعرض صانعة الأفلام سماح صافي أكثر 11 خطأ شائع التي يرتكبه صناع الأفلام المبتدئون، وتبدأ في البداية كالتالي:

يرسل لي بعض صناع الأفلام أفلامهم الأولى ويطلبون رأيي فيها، ومن خلال مشاهداتي لاحظت بأن هناك العديد من الأخطاء المشتركة التي يقع فيها معظم صناع الأفلام الهواة أو المبتدئين في بداية مسيرتهم المهنية، وذلك أمر متوقع ولكن المهم أن نتعلم من أخطاءنا ونحاول وضع إصبعنا عليها وتحديدها أولاً ثم أن نتجاوزها ونطور من أعمالنا.

ولمحاولة تجنب وقوع أخطاء قد تؤذي أو تضْعِف فيلمك الذي وضعت فيه كل تفكيرك وجهدك وطاقتك وأحياناً مالك، ألخص هنا لكم من خبرتي المتواضعة بعض الأخطاء الشائعة التي علينا جميعاً كصناع أفلام تجنب الوقوع فيها:

1- سوء التحضير:

نعم فأول خطا قد ترتكبه في فيلمك يبدأ عادة قبل أن تصور فيلمك!
قد يأخذ الحماس الكثيرين ويدفعهم للعجلة والمضي للبدء بتصوير الفيلم دون أن يعطوا مشروعهم “فيلمهم” وقته التحضيري الكافي.
أعطِ فيلمك وقته وحضر له جيداً وبتمهل، خطط لكل شيء، وبكل شيء أعني السيناريو أولاً، ثم تجهيز السيناريو للتصوير من Story-Board و Shot-List اللذان ستضيع من دونهما حتماً في موقع التصوير، ثم تحضير خماسية الإنتاج Production Five وهي:
1- Casting اختيار الممثلين وتجارب الآداء
2- Scouting اختيار موقع التصوير ودراسة المكان
3- Props & Costumes اختيار الإكسسوارات والأزياء
4- Equipment اختيار معدات التصوير وتجربتها
5- Crew اختيار فريق التصوير

2- ضعف الفكرة والسيناريو:

الفكرة هي أهم عنصر في العمل على الإطلاق. الكثير من صناع الأفلام ممن يكتبون سيناريوهات افلامهم يكتبون أول ما يخطر ببالهم دون بذل أي جهد إضافي، ودائماً ما أنصح في ورشتي “الكتابة الإبداعية للأفلام القصيرة” بأن تقتل فكرتك الأولى وربما الثانية وحتى الثالثة حتى تصل لشيء أكثر إبداعاَ وعمقاً.
ابتعد عن القصص التقليدية والكليشيهات، لا تخبرني بقصة الشاب الذي صرخ في وجه أمه ثم خرج من البيت ودهسته سيارة ولا قصة تلك الفقيرة المتسولة أمام محل الحلوى التي حرمها أهلها من التعليم ولا قصة الرجل الأمين الذي رد محفظة الشخص التي وقعت أمامه!
ابتعد عن الواقعية المبالغ فيها وابتعد عن الأفكار المباشرة واكتب قصصاً أكثر إبداعاً، فبإمكانك أن تعبر عن نفس القضايا التي ذكرتها أعلاه ولكن بإبداع وعمق أكبر.
تمهل في بناء هيكلية الشخصية Character Bone Structure وحولها من حبر وورق إلى لحم ودم على الشاشة.
لا تبدأ تصويرك بسيناريو غير ناضج، ونهايةً تذكر بأن مرحلة كتابة السيناريو قد تكون المرحلة الوحيدة التي لن تكلفك مالاً فأعطها الكثير من وقتك.

3- السينما لغة صورة:

اتبع ما استطعت القاعدة الشهيرة في عالم صناعة الأفلام Show Don’t Tell أرني ولا تخبرني، فبالنهاية عملك بصري بالدرجة الأولى.
فإذا رفع الممثل المسدس في وجه ممثل آخر سنفهم أنه يهدده بالقتل أو سيقتله حتماً فلا داعي لإضافة كلمة “سأقتلك”!
تجنب مشاهد الحوار الطويلة في فيلمك، فهذه أحد أكثر الأخطاء التي يقع فيها صناع الأفلام المبتدئين.
فمن أهم الاختبارات لأي فيلم هي أن تشاهده وأن مغمض لعينيك، إذا فهمت الفيلم فهذا برنامج راديو وليس فيلماً سينمائياً.

4- عمق الصورة:

الواقع ثلاثي الأبعاد لكن السينما كشاشة تعتبر ثنائية الأبعاد (مسطحة)، وهو سلبية نحاول كصنّاع أفلام التغلب عليها دائماً عبر خلق عمق في الصورة Depth.
ولصناعة عمق سينمائي خلال تصويرك حاول أن تأخذ النصائح التالية بعين الاعتبار:
– التكوين: احرص أن يكون لديك في كل لقطة مكوّن في مقدمة الكادر Foreground، ومكوّن في منتصف الكادر Mid-ground ومكوّن في الخلفية Background. هكذا سيبدو الكادر مجسماً بالنسبة للمشاهد، كما أنك تستطيع توظيف هذا الأمر لإيصال رسائل ذكية وغير مباشرة. مثلاً البطل يقف في منتصف الكادر ووراءه ساعة كبيرة تعطينا إحساساً بأهمية وثقل مرور الزمن، ومسدس في مقدمة الكادر لإعطاء إحساس الخطورة.
– الإضاءة: لا تقم بإضاءة كل الكادر ومكوناته بشكل متساوي.
– عمق مجال بصري ضحل Shallow depth of field ، أي حاول أن تكون العناصر الواضحة Focused في كادرك محدودة.

5- الإضاءة:

أن تكون إضاءة المشاهد في فيلمك قاسية أو الظلال حادة على وجوه الممثلين، أو تصوير ليلي بدون إضاءة مع وجود تشويش Noise واضح في الصورة هي أحد الأخطاء الشائعة في أفلام المبتدئين.
حاول أن تتنجنب هذه الأخطاء من خلال دراستك جيداً لموقع تصويرك من ناحية توفر الضوء وحركة الشمس فيه، وحاول اختيار الوقت الافضل للتصوير مستعيناً بإضاءة الشمس واستخدم العواكس والفلاتر، وإن كانت إضاءتك داخلية أو ليلية استعن بوحدات اضاءة إضافية.
ولا تكتب مشاهد تتطلب تصويراً ليلياً أو وحدات إضاءة إضافية إن لم يكن لديك القدرة على توفير معدات الإضاءة، فصانع الأفلام الماهر هو الذي يستخدم الظروف المتاحة من حوله بذكاء.

6- الممثلين:

اختر ممثلينك جيداً وقم بتجارب أداء معهم قبل فترة من التصوير لتتأكد من قدرتهم على تنفيذ الأداء المطلوب بصدق وعفوية. فكثيراً ما يبالغ الممثلون المبتدئون في أداء الفرح أو الحزن أو أي أداء آخر، ومن ناحية أخرى أحياناً يؤدي الممثل دوراً غير مناسب له، لذلك احرص على أن تختار الممثل المناسب ليغطي الدور المناسب ، فلا تختار طالب ثانوية عامة لأداء دور أب ولا طفل ملامحه عربية لآداء دور طفل غربي.
وإن كنت تعلم بأن الممثلين المتاحين من حولك غير قادرين على أداءات صعبة معينة فبسط في كتابتك لآداء تلك الشخصية، ولا تطلب منه آداءً صعباً لا يتستطيعه، كأن يضحك الممثل كثيراً ثم يصرخ ويبكي ثم يعود للضحك في آن واحد.
اجعل المشاهد يقتنع بأنها شخصية حقيقة بآداء حقيقي وبانه ليس مجرد ممثل.

7- جودة الصوت :

معظم صناع الأفلام المبتدئين يركّزون على الصورة ويهملون الصوت تماماً، غير مدركين بأن جودة صوت الفيلم لا تقل أهمية عن جودة الصورة وهي أحد أوضح وأبرز المكونات التي يستطيع جمهورأي فيلم من خلاله الحكم على مستوى احترافية وإتقان الفيلم.
فكثير من أفلام المبتدئين لا تسمع أو تفهم فيها صوت حوار الممثلين لبعدهم عن مصدر تسجيل الصوت أو لضرب الرياح مصدر تسجيل الصوت طيلة فترة الحوار، أو لكون الصوت المحيطي Ambience في موقع التصوير أعلى من أصوات الممثلين.
لا تسجل على مايكروفون الكاميرا فهي أسوء وسيلة لتسجل صوت فيلمك عليها، وأحضر مهندس صوت أو متطوع ليساعدك في حمل Boom microphone للعمل معك يوم التصوير واجعله قريباً من الممثلين وانتبه لاتجاه الرياح، واطلب من مهندس الصوت أن يتأكد من جودة الصوت أولاً بأول في موقع التصوير من خلال سماعات يضعها خلال التسجيل حتى لا تنصدم في حال كان هناك مشاكل لاحقاً.
وفي حال تعذر تسجيل الصوت بوضوح لضجيج المكان الجأ لتقنية تسجيل الصوت لاحقاً في استوديو ADR، حتى ولو كان استديو منزلي متواضع.
حتماً ستقتل جودة الصوت الرديئة فيلمك ولو كانت الصورة ساحرة فأبقي آذانك مفتوحة.

8- الموسيقى التصويرية:

اختر موسيقى متناسبة مع أجواء فيلمك وأحداثه، فلا تستخدم موسيقى ملحمية عالية المستوى وبطلتك تنتظر الباص، أنت هنا تحاول أن تحقن جسد مصارع في طفل صغير، تأكد أن ذلك سيكون عنصراً رئيسياً في إضعاف فيلمك، والمشاهد سيدرك فوراً أن هذه الموسيقى مأخوذة من فيلم آخر.

كذلك لا تستخدم قطعة موسيقية مشهورة لا تمتلك حقوقها، حيث قد تتم ملاحقتك قانونياً على ذلك أو يتم حذف الفيديو عند رفعه على يوتيوب أو أي منصّة أخرى.
اختر موسيقى من المكتبات ذات حقوق الملكية المفتوحة Royalty Free ستجد عليها العديد من الخيارات المتنوعة.
نقطة مهمة أخيرة لابد من ذكرها عندما نتحدث عن الصوت وهي ميكس الصوت Sound Mixing ، فأحد أسوأ الأخطاء التي يمكن ان تجدها في فيلم هي أن يكون مستوى ارتفاع الموسيقى أعلى بكثير من مستوى ارتفاع صوت الحوار بشكل يشوش على الفهم.

9- أيقاع الفيلم:

ابدأ فيلمك دائماً بحدث غامض أو مشوق يشد المشاهد ليكمل المتابعة وهذه التقنية تسمّى بال Hook أو الصنّارة، فمثلاً تخيلوا فيلم يبدأ بلقطة للبطل وهو يفتح دروج الخزانة ويبحث بتوتر عن شيء ما لا نعرفه بعد، مع مثل هذه البداية ستجد معظم المشاهدين قد ابتلعوا الطعم وأصبحوا يتطلعون بشوق لمشاهدة مالذي سيحدث بعد.
ابتعد كذلك عن اللقطات الميكانيكية كأن يلبس الممثل الحذاء ثم يفتح الباب ثم يخرج من الباب ثم يغلق الباب ثم يمشي إلى السيارة .. ثم يركبها!
إن لم تضف هذه اللقطات شيئاً حقيقياً لقصة الفيلم فابتعد عنها، وإن كان فيلمك قصيراً جداً فابتعد عنها تماماً!
فلا يعقل أن يكون هناك 30 ثانية من فيلم مدته 3 دقائق للبطل متجهاً للسيارة بشكل روتيني، أما إن كان فيلمك روائياً طويلاً فلك الخيار بناءً على أهمية المشهد للقصة، خصوصاً في بداية الفيلم عند ظهور الأسماء ولإعطاء فرصة للمشاهدين لدخول صالة السينما والجلوس.

10- قرارات المونتاج:

غرفة المونتاج هي غرفة ولادة الفيلم، والقرارت المونتاجية التي تتخذها في هذه الغرفة قد تصنع من المواد التي صورتها فيلماً ناجحاً أو لا.
المواد التي يصوّرها المخرج عزيزة على قلبه، وهذه النقطة قد تنقلب ضده لتكون سبباً في فشل فيلمه، حيث يميل معظم صناع الأفلام المبتدئين إلى استخدام جميع اللقطات التي قاموا بتصويرها حتى وإن لم تكن تخدم القصة بالضرورة، وحتى لو انعكست في بطء إيقاع الفيلم وملل المشاهد.
عليك أن تختار اللقطات (أو حتى المشاهد) التي يجب رميها من على ظهر السفينة. وإلا قد تغرق السفينة بمن عليها.
وتذكر دائماً أن البقاء للأقوى والأفضل حتى في غرفة المونتاج.

11- كن واقعياً

أكثر صفة يتميز بها صانع الأفلام هو أنه حالم وخيالي وهذه الصفة هي التي تقوده عادةً للإبداع والتميز، لكن في بداياتك حاول أن تبسط كل شيء، لأن قدراتك الإنتاجية ستكون محدودة على الأغلب، فريقك متواضع وميزانيتك كذلك، وحتى مهاراتك وتكنيكك لا يزال بحاجة للصقل.
فمثلاً لا تبدأ بصناعة فيلم يحتوي على سباق سيارات رياضية إن لم يكن لديك القدرة على توفيرها وتوفير معدات التصوير اللازمة لذلك، ولا تكتب مشهد لتفجير سيارة وأنت لا تملك القدرة على تنفيذ ذلك بشكل حقيقي أو جرافيكي متقن، ولا تجعل شخصيتك ترتدي لباس مقاتل روماني إذا كنت لا تستطيع توفير اللباس الحقيقي او القريب جداً من ذلك وإلا سيتحول إلى فيلم كوميدي.
بسّط فيلمك قدر الإمكان، فالبساطة ستُظهر نقاط قوتك والتعقيد سيظهر نقاط ضعفك، كن حالماً لكن في البداية “على قد لحافك مد رجليك”.

في النهاية من الطبيعي إذا عملنا أن نُخطأ ومن أخطائنا نتعلم، وعالم صناعة الأفلام عالم واسع وكبير والسلم فيه طويل والتغيرات فيه متسارعة كبيرة، فسيبقى فيه كل صانع أفلام تلميذاً يخطأ ويصيب ويتعلم.

شاركها

This Post Has One Comment

  1. mohamed solaiman

    رائع جدا ..شكرا على هذه التوجيهات الصادقة، كتبت مجموعة من الأفلام التسجيلية 10 أفلام. وكانت أول مرة أكتب تلك النوعية من الكتابة، والحمد لله جاءت جميعها خالية من تلك الأخطاء, كان ذلك في نهاية التسعينات من القرن الماضي. والان أعود لتلك الكتابة مرة أخرى، مستهدفا انجاز مسلسل تلفزيوني (تاريخي) أحداثه مناسبة جدا لتلك الفترة التي نمر بها الان. هل أطمع في سعة صدركم بإعطائي بعض التوجيهات؟ لك تحياتي وتقديري.

اترك تعليقاً