أمير الرحالة ابن بطُّوطة

مفهوم – ابن بطُّوطة هو رحّالة مسلم، واسمه محمّد بن عبدالله بن إبراهيم بن محمّد بن إبراهيم بن يوسف اللوائيّ الطنجيّ، المُكنّى بأبي عبدالله،

لم يحمل أحد من عائلته اسم بطوطة

تختلف الأقاويل فى المعلومة الأهم عن “ابن بطوطة”، فالبعض يقول أنه لم يحمل أى شخص فى عائلته اسم بطوطة، بل تم أخذ اللقب من والدته التى كان اسمها الأصلى “فطومة” وتم تحريفه ليصبح “بطوطة” وظل ملقبًا بهذا الاسم طوال حياته.

بينما تشير أقاويل أخرى إلى أنه جزء من اسم عائلته فاسمه بالكامل كان “أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن يوسف اللواتى الطنجى بن بطوطة بن حميد الغازى بن القريش العلى”.

ويُعتبَر من أكثر الرحّالة المسلمين شُهرة، وبسبب المدّة الكبيرة التي أمضاها في ترحاله وهي ثمانية وعشرون عاماً، فقد أُطلِق عليه اسم (شيخ الرحّالين)، حيث تميّز بحبِّه للاستطلاع، وعدم خوفه من ركوب الصعاب في سبيل الحصول على الأخبار، كما اهتمّ بالتحدُّث عن الحالة الاجتماعيّة، وأخبار البلاد التي يزورها، بالإضافة إلى نشاطه وقدرته على استيعاب الأخبار.

مولده

وُلِد ابن بطُّوطة في مدينة طنجة المغربيّة عام 703هـ، أي ما يوافق 1304م، وهو من أسرة عريقة احتلّ أفرادها مناصب في القضاء، وهو ينتمي إلى قبيلة لواتة البربريّة المُنتشرة على السواحل الأفريقيّة وصولاً إلى مصر، وقد اتّجه إلى دراسة العلوم الشرعيّة في المغرب، مُتَّبِعاً المذهب المالكيّ كبقيّة أفراد أسرته الذين برعوا في هذا المجال، إلّا أنّه لم يُكمِل دراسته؛ وذلك بسبب رغبته في الترحال في سنٍّ صغيرة،

ومن أهمّ الأسباب التي دفعته إلى السفر رغبته في أداء فريضة الحجّ، بالإضافة إلى شَغَفه لاكتساب معارف جديدة.

خرج ابن بطُّوطة في أولى رحلاته وهو يبلغ من العمر 21 عاماً، وكان الحمار أوّل وسيلة استخدمها للتنقُّل، حيث بدأ رحلته مُتوجِّهاً إلى مكّة؛ لأداء فريضة الحجّ، علماً بأنّه وحيداً لا يرافقه أحد كما يروي في كتابه، وكان أبوه على قَيد الحياة عندما تَرَك المنزل راغباً في الاستكشاف، وقد وَصَف خروجَه من بيت أسرته بخروج الطيور من أعشاشها، وعلى الرغم من حزنه لفراق أحبّائه من أفراد عائلته، إلّا أنّ حُزن والده كان الأمر الأكثر تأثيراً فيه في تلك اللحظة،

كما أنّ رحلاته التي استمرّت ما يقارب الثلاثين عاماً شملت العالم الإسلاميّ بأكمله وما وراءه، فقد كانت من شمال أفريقيا وغربها، إلى أوروبّا الجنوبيّة والشرقيّة، وشبه القارّة الهنديّة، وجنوب شرق آسيا، وشرق الصين.

رحلات ابن بطُّوطة بدأ ابن بطُّوطة رحلته في عام 725هـ، أي ما يوافق 1326م، وانطلق من مدينة طنجة، ثمّ تنقَّل في جميع بلدان المغرب العربيّ، ثمّ توجَّه نحو الشرق، حيث زار الجزائر، وتونس، وليبيا، ومصر، ومرَّ بالإسكندريّة، والقاهرة، والصعيد، وصولاً إلى ميناء عيذاب الواقع على ساحِل البحر الأحمر، وبعد ذلك عاد إلى مدينة القاهرة؛ ليواصل رحتله مُتوجِّهاً إلى مكّة، سالِكاً طريق بلاد الشام، وبعد أداء مناسك الحجّ، تابع مسيرته إلى العراق، وإيران، وبلاد الأناضول، ثمّ قرَّر العودة؛ لأداء فريضة الحجّ مرّة أخرى، فعاد إلى مكّة عن طريق الحجاز، ومكث فيها عامَين.

وفي عام 730هـ، أي ما يوافق 1329م، سافر ابن بطُّوطة إلى اليمن، وبلاد الخليج العربيّ، وانطلق من هناك إلى البحرين، والأحساء، وفي كلّ زيارة له إلى بلد مُعيَّن، كان يتحدَّث عن عادات هذا البلد، وتقاليده، ومأكولاته، كما زار ابن بطُّوطة بلاد الرُّوم، وبعد إنهاء جولته فيها عاد إلى مكّة؛ ليُؤدِّيَ فريضة الحجّ للمرّة الثالثة، ثمّ قَصَد سوريا، وذلك عن طريق البحر الأحمر، ومرّ باللاذقيّة، ثمّ ركب البحر ذاهباً إلى آسيا الصُّغرى، فعبر ميناء آلايا، وميناء سينوب الواقع على البحر الأسود، ووَصَل إلى شبه جزيرة القرم، واستمرَّ في تنقُّله ورحلاته حتى وصل إلى روسيا الشرقيّة، كما زار القسطنطينيّة، ثمّ عاد إلى القرم؛ لينطلق منها إلى بُخارى، وبلاد الأفغان، وانتهى به المطاف ليستقرَّ في دِلهي مُدّة عامَين، حيث عمل فيها قاضياً للمذهب المالكيّ.

وتابع ابن بطُّوطة رحلاته إلى أن وَصَل الهند الشرقيّة، وإندونسيا، كما أنّه زارَ الصين، ثمّ عاد إلى الجزيرة العربيّة عن طريق الهند، وسومطرة عام 748هـ، أي ما يوافق 1347م، واستمرّ بالتنقُّل، حيث عاد إلى بلاد فارس، ثمّ إلى العراق، وبلاد الشام، ومصر، وأخيراً وَصَل إلى مكّة؛ ليُؤدِّيَ فريضة الحجّ للمرّة الرابعة، وبعد ذلك قرَّر العودة إلى المغرب الأقصى عام 750هـ، أي ما يوافق 1349م، ومكث فيه مدّة سنة كاملة، إلّا أنّه ما لبث أن عاود الترحال ليقوم برحلته إلى غرناطة في الأندلس عام 751هـ ،أي ما يوافق 1350م، ثمّ عادَ إلى مدينة فاس في المغرب، وحضَّر نفسه للقيام برحلة إلى أفريقيا الغربيّة عام 754هـ، أي ما يوافق 1353م، فزار تمبوكتو وهكار، ثمّ عاد إلى المغرب، وبقيَ فيها إلى أن تُوفِّي -رحمه الله-.

إسهاماته
يظهر من خلال رحلات ابن بطوطة، مدى ترابط الأمة الإسلامية وقوة وحدتها حيث إنه خرج لرحلته الطويلة بمال قليل ولكن ترابط الأمة وتآخيها عمل على معاونته في رحلته، وإمداده بما يريد، كانت رحلته الأولى من سنة 725هـ/1325م إلى 749هـ/1349م وقضى فيها 24 سنة، ومر فيها بمراكش والجزائر وتونس وطرابلس ومصر ثم إلى فلسطين ولبنان وسوريا والحجاز، فحج حجته الأولى ومن مكة غادر إلى بلاد العراق وإيران وبلاد الأناضول، ثم عاد إلى مكة فحج حجته الثانية، ثم غادرها إلى اليمن ثم إفريقية الشرقية، ثم زار عمان والبحرين والإحْساء، ثم رجع مكة فأدى مناسك الحج.

خرج ابن بطوطة إلى الهند وخراسان وتركستان وأفغانستان وكابول والسند، وتولى القضاء في (دلهي) على المذهب المالكي، ولما أراد السلطان محمد شاه أن يرسل وفدًا إلى ملك الصين خرج ابن بطوطة فيه، وفي عودته مر بجزيرة (سرنديب) والهند والصين، ثم عاد إلى بلاد العرب عن طريق (سومطرة) سنة 748هـ/ 1347م، فزار بلاد العجم والعراق وسوريا وفلسطين ومنها لمكة فحج حجته الرابعة إلى بيت الله، ثم رأى أن يعود إلى وطنه فمر بمصر وتونس والجزائر ومراكش فوصل فاس سنة 750هـ/ 1349م.

وقد كان ابن بطوطة إذا ما ذَكَرَ ما تمتع به في حياته من نعمة وجاه يقول: (إنما كان لأنني حججتُ أربع حجات) ثم ما لبث أن قام برحلته الثانية بعد أن أقام في فاس فترة قصيرة لكنه وجد في نفسه شوقًا إلى السفر إلى بلاد الأندلس، فمر في طريقه بـ(طنجة) و(جبل طارق) و(غرناطة) ثم عاد إلى فاس، وفي سنة 753هـ/1352م كانت رحلة ابن بطوطة الثالثة إلى بلاد السودان، ثم مالي (تومبوكتو) وكثير من بلاد إفريقية ثم رجع إلى فاس، وظلت مدة عامين، فقد انتهت 755هـ/ 1354م.

كان لابن بطوطة معرفة بطب الأعشاب التي كان الناس يتداوون بها من الأمراض الشائعة، وكان يداوي نفسه بنفسه، ولقد أعانه على رحلته قوة بدنه، فكان يأكل أي طعام -عدا المحرمات- وقد أصابته الحمى أكثر من مرة، وكاد دوار البحر أن يهلكه لولا رعاية الله له، وقد استغرقت رحلاته أكثر من ثمانية وعشرين عامًا كشفت هذه الرحلات عن أسرار كثيرة من البلاد التي زارها ابن بطوطة، إذ يعد أول من كتب شيئًا عن استعمال ورق النقد في الصين، وعن استخدام الفحم الحجري وكان صادقًا في أغلب أوصافه،حتى إن المستشرق (دوزي) أطلق عليه

كتابه تحفة النظار

تُحفة النُّظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار[81] المعروف أيضاً باسم رحلة ابن بطوطة هو كتاب يصف رحلة ابن بطوطة، ويتحدث عن أهلها وحكامها وعلمها، ويصف الألبسة بألوانها وأشكالها وحيويتها ودلالتها، ولا ينسى الأطعمة وأنواعها وطريقة صناعتها، بعد أن أمضى 30 عاما في الرحلات بين بلدان العالم. أمر السلطان أبو عنان فارس المريني بتدوين هذه الرحلة واختار لذلك فقيها أندلسيا التحق ببلاط بني مرين وهو ابن جزي الكلبي، وكان إملاؤها بمدينة فاس سنة 756 هـ.

تُرجم هذا الكتاب إلى عدة لغات مثل: البرتغالية، الفرنسية، الإنجليزية، وتُرجمت فصول منه إلى الألمانية[؟]

الرحالة الأمين

أتقن ابن بطوطة خلال رحلته اللغتين الفارسية والتركية، وقطع مائة وأربعين ألف كيلو متر، أكثرها في البحر، وتعرض للأخطار والمهالك في الصحاري والغابات، وقطاع الطريق في البر، وقراصنة البحر، ونجا مرارًا من الموت والأسر.

وقد كان ابن بطوطة سريع التأثر يدل على ذلك قوله: وعندما وصلت إلى تونس برز أهلها للقاء الشيخ (عبد الله الزبيدي) ولقاء الطيب ابن القاضي أبي عبد الله النفراوي فأقبل بعضهم على بعض بالسلام والسؤال، ولم يُسَلِّمْ على أحد لعدم معرفتي بهم فوجدت من ذلك في النفس ما لم أملك معه سوابق الْعَبْرَة، واشتد بكائي، فشعر بحالي بعض الحجاج، فأقبل على بالسلام والإيناس ومازال يؤانسني بحديثه حتى دخلت المدينة، وأما حبه لوالديه فقد أفصح عنه أيما إفصاح حيث يقول في مقدمة رحلته: إنه تركهما فتحمل لبعدهما المشاق كما لقى من الفراق نصبًا، فلما عاد من رحلته الأولى وبلغه موت أمه حزن حزنًا شديدًا قطعه عن كل شيء، وسافر لزيارة قبر والدته.

اتصل ابن بطوطة بالسلطان أبي عنان المريني، وأقام في حاشيته يُحَدِّثُ الناس بما رآه من عجائب الأسفار، ولما علم السلطان بأمره وما ينقله من طرائف الأخبار عن البلاد التي زارها أمر كاتبه الوزير محمد بن جُزَي الكلبي أن يكتب ما يمليه عليه الشيخ ابن بطوطة فانتهى من كتابتها سنة 1356م، وسماها (تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار) وقد ظلت رحلة ابن بطوطة موضع تقدير كثير من العلماء والباحثين فترة طويلة، وتُرجِمَت إلى اللغة الإنجليزية، ونُشِرَت في لندن سنة 1829م، وتُرجِمَت إلى اللغة الفرنسية، وطُبِعَت في باريس، وفي عام 1853م وتُرجِمَت إلى الألمانية، وطُبِعَت سنة 1912م، وكذلك تُرجِمَت إلى اللغة التركية.

حصل ابن بطوطة على لقب “أمير الرحالة”، والأصل فى هذا اللقب هو جامعة كامبردج، التى لقبته بـ”أمير الرحالة المسلمين الوطنيين”.

وفاة ابن بطوطة

استقر الرحالة الكبير أخير بفارس حيث لبى دعوة السلطان أبي عنان ، وقضى هناك ثلاثا وعشرين سنة ، لم يصلنا منها أي خبر سوى أنه كان محفوفا بعناية السلطان وكرمه ، وانتقل إلى جوار ربه سنة 1377 عن سن يناهز 74 سنة ، قضى أكثرها يجوب العالم ويكتشف خفاياه وأسراره ، فكان رحالة العصر بلا منازع .

شاركها

اترك تعليقاً