طرق توليد أفكار إبداعية

مفهوم – رحلة شاقة يمر بها الكثيرون من أجل الوصول إلى الأفكار وليس أي أفكار إنها الأفكار الإبداعية، فكثيرًا ما نجد رءوسنا في كثير من الأحيان، وكأنها متصلبة وعاجزة عن الوصول إلى أفكار إبداعية، نستعرض خلال هذه المقالة عدد من الطرق التي يمكن من خلالها توليد أفكار إبداعية.

أولا ما معنى الأفكار الإبداعية؟

إذا كانت هناك أفكار إبداعية فإنه بالتأكيد هناك أفكار غير إبداعية، لكن ما الفرق بينهما؟

تتسم الأفكار الإبداعية بالجدة أي أنها لم تكون موجودة قبلا، إنها إضافة فوق الركام الجاهز، الأفكار الإبداعية أيضا هي واضحة ومحددة، فهي ليست غامضة أو عمومية، بل إنها تعرف وجهتها وتصيب هدفها بدقة، تتفرد الفكرة الإبداعية المجسدة كذلك بكونها جذابة ومثيرة للآخرين الذين بطبعهم يقدرون الإبداع، كما أنها لا تكترث لمخالفتها العادات الاجتماعية و الثقافة السائدة، تغلفها مسحة من الجمال و الذوق.

وعندما نتأمل نسق الأفكار الإبداعية فإننا نجده يتوزع على أربعة مستويات و متفاوتة في الدرجة الإبداعية:

– الاستعارة: حيث يتم أخذ فكرة موجودة في حقل معين، وإسقاطها في حقل آخر، مثلما يقوم المهندسين باستنباط نموذج طيران بعض الطيور، لاستغلاله في مجال صناعة الطيران، وغالبا ما تكون هذه الاستعارات من مجال الطبيعة إلى مجال الإنسان.

– الدمج: نقوم في هذه الحالة بأخذ مجموعة أفكار موجودة فعليا ودمج بعضها في بعض لنحصل على فكرة أو صيغة جديدة.

– التحوير: يتم تعديل فكرة موجودة قبليا، بإزالة بعض جوانبها أو إضافة أجزاء بسيطة لها أو هما معا، لتصير فكرة محورة عن الفكرة القبلية لتتكيف مع وضع معين.

– الابتكار: معظم الأفكار الإبداعية تندرج ضمن المستويات الثلاث القبلية، لكن هذه الحالة هي أقصى درجات الإبداع، وهذا النسق من الإبداع يقتصر العباقرة وقليل الوقوع، وحين يحدث في مجال معين فإنه يغيره بصفة جذرية، إنها الأفكار العبقرية التي تحدث نقلات نوعية في مجالها، إنها الأفكار التي تختزل لنا طريقا طويلا جدا للوصول إليه، فعندما أسس أينشتاين نظرية النسبية، فإن نظريته في تلك الفترة مثلت رؤية مغايرة تماما للعالم لما هو سائد قبلها.

ويتجاوز دور المبدعين مهمة الاستنساخ وإعادة الإنتاج والاقتباس إلى الخلق، لذلك دائما هم من يحتلون الصفوف الأمامية لدفع الحضارة البشرية نحو الأمام، إنهم هم من يبنون الجسور التي ستمر فيها البشرية بعدهم.

هل الأفكار الإبداعية مقتصرة على العلوم و الفنون؟ طبعا هما المجالان الأكثر خصوبة للإبداع والأكثر تأثيرا على حياة البشر، إلا أنه يمكن استثمار الحس الإبداعي في كل شيء في الحياة تقريبا، بدء من الحياة اليومية حتى تأسيس الشركات والمشاريع الخاصة.

من أين نأتي بالأفكار الإبداعية؟

يمكن استلهام الأفكار الإبداعية من أي مجال قد تتخيله، بيد أن هناك بيئات معينة تشجع على الإبداع، يمكنك استغلالها.

مثلت المقاهي والصالونات في عصر الأنوار المكان الذي احتضن تطور الفكر الإنساني، حيث كان الناس من خلفيات اقتصادية واجتماعية مختلفة يجتمعون فيها ويتناقشون الأدب والسياسة والفن، فالأفكار الإبداعية تأتي غالبا نتيجة تلاقح الأفكار المختلفة وتصادمها، ولحسن الحظ في عصرنا الراهن يحفل عالمنا ببيئات تحتضن نقاشات حرة بين الناس، مثل الملتقيات والندوات والشبكات الاجتماعية على الإنترنت وحتى الحوارات اليومية البسيطة.

لطالما كانت الطبيعة ملهمة للشعراء والفنانين والعلماء سواء، فهي البيئة الفطرية للإنسان، وفيها يكتشف ذاته، ويتحرر من كل قيود الثقافة، مما يجعله أكثر استعدادا للإبداع واستعارة ما يكتشفه في الطبيعة لاستثماره في حياته من جديد.

البيئات المنظمة والبيروقراطية لا تساعد على الإبداع، فالأخير قد يولد من الفوضى والعشوائية والبساطة، والأوساط البشرية التي تتميز بهذه الصفات تتيح فرصا أكثر لاقتباس منها بغية الوصول لأفكار إبداعية، تشمل هذه البيئات المجتمعات التقليدية والأحياء المهمشة والأرياف والقرى. شاهد كيف استغلت هذه المصممة أشياء من مجتمعات تقليدية لصنع مجسمات مبهرة.

تمثل أيضا المجتمعات التي تحظى بقيم الحرية والفردانية والمساواة بين الأفراد، بيئة مواتية جدا لممارسة الإبداع بدون خوف أو توجس من مخالفة القواعد الاجتماعية أو الثقافية أو السياسية، ومن ثمة ليس غريبا اضمحلال الحس الإبداعي في الدول الدكتاتورية أو الدينية، وبالمقابل انتعاشه بالبلدان الديموقراطية الحرة.

كيف نتوصل إلى أفكار إبداعية

يستدعي الوصول إلى الحس الإبداعي التخلص من مجموعة من المعيقات النفسية المتأصلة في ذواتنا نتيجة التنشئة الاجتماعية، مثل الخوف من التعبير عن أفكارنا الغريبة، والتوجس من تأثير حكم الآخرين على أفكارنا، ومحاولة الظهور دائما كأشخاص راشدين، وحواجز أخرى يمكنك اكتشافها في هذه المحادثة المثيرة و المرحة.

يقترح عدد من المشتغلين في حقل الإبداع مجموعة من الخطوات التي من شأنها تعزيز قدرتنا على الإبداع، نذكرها كالتالي.

– ممارسة الفنون: الفنون بتنوعاتها تعد مجالا مشبعا بالإبداع، و ممارستها تثري خيالنا وتحسن الذوق لدينا، فلا بأس من تخصيص وقت بين الفينة و الأخرى لحصة من الرسم والتصميم أو الموسيقى أو السينما مثلا.

– ممارسة الكوميديا: تتطلب السخرية نوعا من الخروج عن المألوف والقواعد وإنتاج مشاهد أو أفكار غير متوقعة تحملنا على الضحك و الإثارة، وهي سمات تتأصل في الحس الإبداعي، لذلك فمحاولة التطبع بالحس الفكاهي في حياتنا اليومية مثلا أو المشاركة في نوادي للكوميديا قد يعزز القدرة على الإبداع لدينا.

– الحضور الذهني: وهو القدرة على ملاحظة ما يحيط بنا والشعور به، فنيوتون عندما اكتشف الجاذبية، فبالتأكيد ليس هو الوحيد في عصره الذي شاهد تفاحة تسقط، لكنه تميز عن الآخرين بملاحظته ذلك، فالاستماع الجيد والملاحظة الجيدة تجعلنا نركز قدراتنا العقلية على الموضوع الذي نتعامل معه، مما يوصلنا إلى أفكار تتجاوز ما نتعامل معه ظاهريا، وتجعلنا اليقظة أكثر تهيئا لاستلهام الأفكار الإبداعية من البيئات المحيطة بنا.

– التأمل: وهو نوعان: تأمل خارج الذات بمراقبة الفضاء المفتوح، وتأمل داخل الذات نستشعر فيه دواخلنا وأفكارنا ومشاعرنا، وكلاهما مفيد لتعزيز الحس الإبداعي لدينا، فمن أجل توليد أفكار جديدة، يُسفِر أسلوب المراقبة المفتوحة عن أفضل أداء، ومن أجل حلِّ مشكلة قائمة بالفعل تقدِّم طرق التأمل الأكثر تركيزًا للانتباه أفضل النتائج.

– الشرود الذهني: قد تساعد أحلام اليقظة في الوصول إلى أفكار إبداعية، هذا ما يقوله المختص النفسي ريتشارد فيشر، إذ يهيئ ذلك عقل الفرد للتعرض لومضات من الإلهام، فلا بأس إذن من الشرود أحيانا في التفكير في مشكلة ما، وأنت تمارس بعض الأعمال اليومية الروتينية.

– العصف الذهني الإلكتروني: عادة ما يقترح البعض جلسة من العصف الذهني بين مجموعة من الأشخاص للوصول إلى أفكار إبداعية، إلا أن هذه التقنية لا تقدم نتائج مرجوة دائما، حيث قد يسبب التفاعل المباشر بالنسبة للبعض مشكلة في طرح الأفكار الغريبة أو المحرجة، لذلك يقترح الباحثين أن تتم جلسة العصف الذهني على شبكة الأنترنت، حيث يكون الأفراد أكثر تحررا من قواعد التفاعلات الوجاهية، إلا أنهم يضعون أربعة قوانين للجلسة.

1. لا تنتقد.

2. ركز على الكم.

3. اجمع الأفكار التي ينتجها الآخرون وحسّنها.

4. دوّن أية فكرة تتبادر إلى ذهنك مهما كانت جامحة.

شاركها

اترك تعليقاً